الموضوع الثالث
(الإله الغريق)
(فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ) (١).
كانت (مصر) يحكمها (فرعون) ادعى الربوبية ، فأخذ يتصرف بها وبأهلها كيفما يشاء ، يسخرهم ويستعبدهم وفق مزاجه وهواه ، والويل لمن عصاه ، وكل من تحدثه نفسه بذلك سيكون السجن والتعذيب والقتل مصيره بلا شك.
وقد لقي بنو إسرائيل ـ بشكل خاص ـ أشد الأذى وأسوأ الأعمال على يد فرعون وجلاوزته ، فكان يقتل أبناءهم ، ويستحيي نساءهم لأبسط الأسباب وأدناها.
هكذا كانت مصر ، وهكذا كان فرعون ، حتى بعث الله موسى (عليهالسلام) وأمره أن يذهب إلى فرعون ويدعوه إلى الايمان بالله ، وترك الادعاء الباطل بالالوهية ، وأن يرفع الأذى والعذاب عن الناس عامة ، وبني اسرائيل بشكل أخص ، باعتبارهم الطبقة التي تحملت القسط الأكبر من الأذى الفرعوني.
وعلى الرغم من الآيات التي جاء بها موسى (عليهالسلام) بأمر الله تعالى ، فإنّ فرعون يرفض الايمان والتصديق بذلك ، بل زاد من إيذاء بني إسرائيل عمّا كان عليه سابقا : (سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ). وكأنه يتحدى النبي موسى (ع) مستغلا في ذلك سطوته وجبروته ، تحركه ـ إضافة إلى ما مرّ ذكره ـ العقد النفسية الكامنة في ذاته ، والكبرياء الزائف إلى ارتكاب الجرائم البشعة والقتل الجماعي الذي جعل من حياة بني إسرائيل جحيما ومأساة ، حتى قال بنو إسرائيل لموسى : لقد اوذينا قبل مجيئك ومن بعد ما جئتنا.
__________________
(١) سورة يونس : الآية ٩٢.