وما بعده موجودة لديهم ، ومسيطرة على مخيلتهم وتفكيرهم ، وربما كانت إحدى العوامل التي عن طريقها يسلكون طريق الهداية والخير.
وعزّ القائل : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (١).
أما المؤمنون الذين كلما ذكر الله والموت والحساب ، ازدادوا ايمانا ورهبة وخشية من تلك الساعات ، حيث يواجهون الخالق الرحيم وكلهم إيمان وأمل بأنّ ما عملوه هو لله الواحد القهار ، وأن النتيجة والمصير معروفان بلا شك ، لأنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملا من المؤمنين.
وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٢).
إذن فخوف المؤمن يختلف عن خوف الكافر لأنّ هذا النوع من الخوف يترتب عليه الإيمان والسكينة والقناعة والسلوك الإنساني الحميد ، فالدنيا دار امتحان مؤقتة وقنطرة للعبور إلى دار الأمان والراحة والخلود.
(٩) الخوف من تسلط الحكام الظالمين : الخوف الحقيقي ـ كما أوضحنا سابقا ـ لا يكون إلّا من الله.
والإمام الحسين (عليهالسلام) يخاطب الناس وهو يحارب في ساحات القتال ، ويأمرهم بعدم طاعة الحاكم الجائر الظالم ، حيث يقول بأعلى صوته : «إني لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برما» و «كونوا أحرارا في دنياكم». لأنّ الحاكم الظالم بلاء على الناس والمجتمع والدولة ، وحتى على الدول الاخرى المجاورة بعض الأحيان.
وما أكثر الحكام الظلمة في عصرنا هذا الذين أفرطوا في ظلمهم كيفا ، وجاءوا
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ٥١.
(٢) سورة السجدة : الآية ١٦.