الموضوع الرابع
«الاضطراب النفسي»
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (١).
(يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ. وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ. وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ) (٢).
العلاقة الحميمة والحب المتبادل والعطف والحنان والرعاية التي توليها الام لرضيعها ، لا يمكن أن توصف إلّا من قبل الام نفسها ، ولا تقوم به إلّا ام لأبنها فقط ، لكون ذلك مستحيلا ضمن قاموس الحب والحنان الموجود على ظهر الأرض.
فالام وحدها تتحمل مشاكل الحمل وآلام الولادة وما يرافقها حتى ترى ثمرة ذلك ، ألّا وهو وجود طفلها بين أحضانها تقبله في عطف ، وتغدق عليه حنان الامومة بلطف ومحبة وتسقيه الحليب بشوق ومتعة. تسهر لسهره ، وتمرض لمرضه. وإذا ابتسم في وجهها أشرقت معانيها بابتسامة الرضى والأمل. لا تكل عن العناية به سواء في الليل أم في النهار ، فإذا صرخ دق قلبها الحنون ، وفزعت نحوه لتسكته ، وتعرف سبب صراخه.
هذه الام المخلصة ، والمستعدة لكل طارئ تجاه رضيعها ، تراها في لحظات معينة من حياتها تنسى هذا الرضيع وتتركه ، وتنشغل عنه بامور أو مشكلة أو مشهد أهم وأعمق وأوسع وأشمل من أهتمامها برضيعها المدلل.
وهنا ينتصب السؤال : كيف حدث هذا التغير المفاجيء في غريزة ومنهاج
__________________
(١) سورة الحج : الآيتان ١ ـ ٢.
(٢) سورة المعارج : الآيات ١١ ـ ١٤.