الموضوع الثاني
«الطعام الجيد»
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) (١).
ظاهر الآية مفهوم وبسيط ، وعند التأمل والتدبر نجد محتواها عميقا ومركزا وشاملا لمعان حياتية ، وقوانين صحية وغذائية عديدة.
فالانسان قبل تناوله الغذاء المعتاد عليه أن يفحصه من كل الوجوه والنواحي الصحية للتأكد من سلامته ، وخلوه من الأمراض والتلوث ، إضافة إلى نوعيته التي تتلاءم والمتطلبات الضرورية لجسم الأنسان وحاجاته ، وأن يكون مقبولا من الناحية النفسية.
من هذا كله يفهم أنّ هناك شروطا صحّية ونوعية ونفسية يجب توفرها في الغذاء قبل تناوله ، لأنّه المادة الضرورية لنمو وبناء الجسم ، وبدون تلك المواصفات والشروط لا يتمكن الجسم من إدامة فعالياته المختلفة والوقاية من الأمراض.
والآية الكريمة تلفت نظر الأنسان وتوجه فكره نحو تلك النقاط الضرورية التي يجب مراعاتها في الغذاء من جميع الجوانب ، حيث أنّ توفره بكميات كبيرة غير متناسبة نوعيا لا يفي بالأغراض المطلوبة ، ولا يوفر للانسان المستلزمات التي تحافظ على سلامته الجسمية والعقلية.
لذا وجب على الانسان الواعي والمدرك للآية الكريمة أن يختار غذاءه وفقا للمعايير والمقاييس الطبية والغذائية الحديثة التي تمده بالطاقة اللازمة لادامة فعالياته اليومية.
والخطاب في الآية الكريمة موجه لكل الناس ، ولم تحدد نوعا معينا أو جنسا من الناس ، بل لكل الناس (فلينظر الأنسان) بدون استثناء ، لأنّ المشكلة عامة ،
__________________
(١) سورة عبس : الآية ٢٤.