يراعُهُم كلمة تأنس لها الأنْفُس ، فأخذوا يُخاطبون الشُعور الجمْعي وحبّ العراقة في الوجْدان العاطفي لأبناء الأمّة ، فكانوا هم أصْحاب الكلمة الطيّبة والعُقول المُفكّرة التي ما انفكت أقلامهم عن الدفاع عن موْروثات ورثوها جاءت بها الصفْوةُ والنُخْبةُ من السلف الصالح ، فكانت أقْلاماً زاكيةً ساهمت في رفد الكلمة ، وكرّست حياتها في خدمة ثوابت البُنى الفكرية لمدرسة آل البيت عليهمالسلام ، وكان من ثمارها (تراثنا) تتويجاً لمشروعها الطموح الذي بدأت به في المؤسسة الأم (مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث).
لقد كانت (تراثنا) مجمع الخصائص من الإبداع والابتكار والعثور على الضالّة وملىء الفراغ وردم الفجوة ، وقد لبّت طموحاً طالما راود الأفكار الناهدة والطاقات الواعدة ففتحت لهم فضاءات من الثقة والإسناد كانت مجرّدأحلام وردية ، كما منحت (تراثنا) درساً بليغاً في تجاوز الصعاب الكأداءوالظروف المرّة ، ولا ننسى دورها في ميدان الاستشارة وتلاقح الأفكاروتبادل الخبرات وسبر الغور في زوايا وحقول كانت نسياً منسياً ، أمّا استقطابها لذوي الفضل والخبرة والتخصّص ـ استقطاباً ظلّ عصيّاً على الآخرين ـ فهذا ممّا يشهد له الداني والقاصي.
(تراثنا) شغلت حيّزاً كبيراً في الساحة الفكرية ، وحملت معها أدبياتها المتميّزة حتّى أصبحت مدرسة من مدارس الفكر وأبجديّة من أبجديّاته ، بل هي جدلية المعرفة بين الماضي والحاضر للرجوع بالهوية الفكرية من خلال تفعيل الكوامن وتعزيز الثوابت ، ومؤسّسة فكرية ساهمت في قراءة التراث قراءة علمية دون الحنين المَرَضي للماضي ، فكانت تربة عصيّة على استنبات الغريب عن بيئتها.
لقد كانت حياة النخبة في (تراثنا) جهداً مستمراً من أجل إقامة التوفيق بين السلوك والقيم التي قطعوها على أنفسهم ، يحملون مفهوماً