المقدّمة
ترجمة سعد غراب
ليس من المفيد هنا أن نطيل في الحديث عن الحالة السياسية في الأندلس في القرن ٥ ه / ١١ م وهي الفترة التي عاش فيها البكري فهي معروفة من قبل كلّ المهتمين من قريب أو بعيد بتاريخ العالم الاسلامي بصفة عامة وبتاريخ المغرب بصورة خاصة فسنقتصر اذن على رسم الخطوط العامة للاطار الذي تكونت فيه ونمت آثار البكري موضوع هذا العمل.
إن ارتقاء هشام الثاني عرش الأندلس وهو طفل بعد حكم مستقر ومزدهر للخليفتين عبد الرحمن الثالث (٣٠٠ / ٩١٢ ـ ٣٥٠ / ٩٦١) وابنه الحكم الثاني (٣٥٠ / ٩٦١ ـ ٣٦٦ / ٩٧٦) قد فتح عهدا من الاضطراب والصراعات الداخلية ستؤول بالخلافة الأموية إلى انهيار كلي سريع وسيشهد المرء مطالبين بالحكم يعتلون العرش تباعا أو في نفس الوقت وكل يعتمد على عناصر متعدّدة من عرب وبربر وصقالبة مكونة للجيش.
فمن العشرية الأولى للقرن الحادي عشر ظهرت خلافة منافسة هي خلافة الحموديين بمالقة ثمّ بالجزيرة الخضراء وكان حكامها يتعاقبون أو يتزامنون مع ممثلي الخلافة الأموية الأخيرين وستتواصل هذه الحالة الى سنة ٤٤٢ / ١٠٣١ عندما سينتهي أمر الخلافة الأموية بزوال آخر خلفائها هشام الثالث.
وبدأ بذلك في الأندلس عهد جديد أصبح فيه رسميا ما كان يعتبر منذ سنين عديدة أمرا واقعا وأصبح كل حاكم مستقلا بجهته أو مدينته ، إنها فترة الفوضى والتشتت المعروفة بقرن ملوك الطوائف وسيحصى منهم في بعض الفترات أكثر من العشرين (١).
__________________
(١) ملاحظة : بالنسبة الى المراجع الأعجمية أشرنا الى أرقامها في القائمة البيبلوغرافية حتّى لا نثقل هذه التعاليق.
انظر زنباور (بالفرنسية ، رقم ١٩٨) ٥٤ ـ ٥٧.