عبّاس : وكان من أشرف الملائكة قبيلا واسمه الحارث ، وقيل عزازيل ، وكنيته أبو مرّة. فدخله من ذلك كبر ودعا من تحت يده إلى عبادته. وقيل إنّه أوّل من أسكن الأرض الجنّ ، فسفكوا الدماء فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة ، فقتلهم حتّى ألحقهم بالبحار وأطراف الجبال ، فاعترى إبليس في نفسه ووقع في صدره كبر ولم تعلم بذلك الملائكة ، فأراد الله إطلاعهم عليه بما أراهم من معصيته.
٢٥
وقيل إن الله عزوجل لمّا أسكن الأرض الجنّ بعث إليهم إبليس قاضيا يقضي بينهم ، فبقي يقضي بينهم بالحقّ ألف سنة حتّى سمّاه الله حكيما ، فعند ذلك تكبّر. وقيل إنّ الذين كان بعث إليهم إبليس البأس والعداوة ، فاقتتلوا في الأرض ألفي سنة حتّى أنّ خيولهم كانت تخوض في دمائهم ، وذلك قول الله عزوجل : أفعيينا بالخلق الأوّل بل هم في لبس من خلق جديد (١). فبعث الله عند ذلك نارا فاحرقتهم ، وعرج إبليس إلى السماء فلم يزل يعبد الله مجتهدا لم يعبده شيء من عباده مثل عبادته حتّى كان من آدم ما كان ، فأهبطه الله عزوجل في أقبح صورة وأشرّها تشويها ، فسكن البحر ووضع عرشا على الماء وجعلت له ولاية وألقيت عليه شهوة الفساد ، وجعل لقاحه كلقاح الطير.
٢٦
وذكرت الهند والفرس أنّ الجنّ مائة واثنان وثلاثون قبيلة : فالّذين يطيرون في الجوّ خمس عشرة قبيلة ، والذين يمشون على أرجلهم خمس وعشرون قبيلة ، والذين يخرجون مع الزوابع اثنتا عشرة قبيلة ، والذين مع لهب النار عشر قبائل ، ومسترقو السّمع ثلاثون قبيلة ، وسكّان الهواء ـ وهم مثل الدخان ـ ثلاثون قبيلة.
__________________
(١) سورة ق ٥٠ / ١٥.