ذلك أربعون ليلة ، وقيل أربعون عاما. فذلك قول الله سبحانه وتعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً)(١). وقيل مائة وأربعون سنة وهو أصحّها ، وذكر الأربعون سنة أيضا. قال : وكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل ، ثم يدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول : لست شيئا ولشيء ما خلقت ، ولئن سلّطت عليك لأهلكنّك ، ولئن سلّطت عليّ لأعصينّك. ونفخ فيه الروح على ما تقدّم آخر ساعات الجمعة وهو اليوم السّادس من أوّل أيّام الخلق ، وكان السّادس من نيسان. فجعل ما يجري الروح في شيء من جسمه إلّا صار لحما ودما ، ثم عطس فقالت له الملائكة : قل الحمد لله ، فقالها ، فقال الله تعالى : «يرحمك ربّك يا آدم». فلمّا دخل الروح في عينيه رأى ثمار الجنّة ، فلمّا دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب يريدها قبل أن يبلغ الروح رجليه ، فلذلك قال الله عزوجل : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ)(٢).
٣٠
عن عليّ : ثمّ جعل الله آدم محرابا وكعبة وبابا وقبلة أسجد له الروحانيين الأبرار ، سجدوا إلّا إبليس ، فأوقع الله عزوجل عليه اللعنة وأخرجه من الجنّة وبقي في السّماء لم يهبط إلى الأرض ، فذلك قوله : فأخرج منها ، إلى قوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)(٣). وعلمت الملائكة ما كان عنهم مستترا.
٣١
ثمّ علّم الله سبحانه وتعالى آدم الأسماء كلّها. قال عبد الله ابن عبّاس : كلّها عموما. وقال وهب : أسماء ذرّيته. وقال آخرون : أسماء الملائكة. ثم
__________________
(١) سورة الإنسان ٧٦ / ١ ـ
(٢) سورة الأنبياء ٢١ / ٣٧.
(٣) راجع سورة ص ٣٨ / ٧٧ ـ ٨٥.