٦٥
قال ابن إسحاق : كان لا يأتي منهم قرن إلّا أشدّ من الذي قبله ، وكانوا يقولون : قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا مجنونا. وكانوا يبطشون به ويخنقونه حتّى يغشى عليه. فإذا أفاق قال : اللهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون ، حتّى يئس منهم وعظم طغيانهم ، فشكاهم إلى ربّه ودعا عليهم بقوله : (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) الآية (١). وبقوله : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)(٢).
٦٦
فأوحى الله سبحانه إليه أن اصنع الفلك بأعيننا. قال عبد الله بن عبّاس : وقد كان الله أمره بغرس شجرة ، فغرسها وبقيت أربعين سنة فعظمت وتناهت ، ثم أمره بقطعها ، فأتخذ منها السّفينة. وزعم أهل التوراة أنه أمره أن يتّخذها من خشب السّاج وأن يجعل طولها ثمانين ذراعا وعرضها خمسين ذراعا وارتفاعها ثلاثين ذراعا ، وأن يجعلها ثلاث أطباق وبابها في عرضها. صحّ عن ابن عبّاس. د : وقال الحسن : طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتا ذراع وعرضها ستّمائة ذراع. وقال القرظي في كتاب الديوان إنّه أنشأها في مائة سنة. (وقال غيره) (٣) وأقامت بعد فراغها على البرّ سبعة أشهر. وقيل أنّه لم يدر كيف يصنعها ، فأتاه جبريل فأمره أن يصنعها مثل صدر الدجاجة. فلمّا فار التنّور بالهند ، وهو تنور من حجارة كان لحوّاء ، قاله ابن عبّاس ، وقد تقدّم غير ذلك ، وقيل : فار بناحية الكوفة ، رواه ليث بن مجاهد. وكان الشعبي يحلف بالله : ما فار التنور إلّا من ناحية الكوفة.
__________________
(١) سورة نوح ٧١ / ٢١ ـ
(٢) سورة نوح ٧١ / ٢٦.
(٣) عن ل.