[معنى التحريف والزيادة]
واستظهر من الزيادة أن يكون هي الحاصلة من التقديم والتأخير ؛ كما في قوله : «أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ـ الخ» على ما مرّ ، فكان الكلام المؤخر زائدا في المكان الثاني ناقصا من الاوّل ، والكلام المقدّم زائدا في المكان الاوّل ناقصا من المكان الثاني.
ويمكن حمله على التحريف ، فانّ المكتوب عوض ما كان زيادة ، وإسقاط ما كان نقيصة ؛ كتبديل «من» ب «الباء» في (مِنْ أَمْرِ اللهِ) ، و «من» ب «اللام» في (لِلْمُتَّقِينَ) كما سبق.
وربّما يعبّر عن التحريف بالزيادة والنقصان في العرف ، كما يظهر من ملاحظة ترجمتهما بالفارسيّة ، كما يسمّى تبديلا وتحريفا ؛ وقد ورد في جواب الصحابة لنبيّهم صلىاللهعليهوآله على الحوض إذا سألهم : «كيف خلفتموني في الثقلين من بعدي؟» أنّهم يقولون :
«أمّا الاكبر فحرّفناه وبدّلناه ـ الخ.» (١)
ويدلّ على نفي الزيادة بالوجوه الآخر كزيادة آية ، أو جملة ، أو كلام ، مضافا إلى الاجماع المتقدّم ما حكيناه سابقا عن العيّاشي أنّه : «لم يزد فيه إلا حروفا
__________________
(١) أورده محمد بن بحر الرهني من علماء العامة في الجزء الثاني من كتاب مقدمات علم القرآن ؛ ونقله الجزائري (رض) في منبع الحياة (المخطوط) ؛ والمحقق القمي (ره) في القوانين قانون حجية الكتاب ، ص ٣٨٩ ، نقلا عنه. وهذا المعنى قد ورد في روايات كثيرة ؛ كرواية علي بن إبراهيم (ره) عن أبي ذر (رض) ، عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ في قوله تعالى : «يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ» ؛ قال صلىاللهعليهوآله : «يرد على أمتى يوم القيامة على خمس رايات ، فراية مع عجل هذه الامة ، فأسألهم : ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟ فيقولون : أما الاكبر ، فحرّفناه ونبذناه وراء ظهورنا ـ الخ.» فراجع القمي ، ج ١ ، ص ١٠٩.