بل أكل علمه إليهم ، وأصدّق بما أريد به واقعا لو كان صادرا عنهم عليهمالسلام ، ونردّ ذلك إليهم ، واحتمل فيه أن يكون الحديث منقولا بالمعنى بزيادة ونقيصة. ومع هذا كلّه فهو خبر واحد ضعيف الاسناد ظاهرا ، غير صريح في أمر زائد على التحريف بالمعنى المتقدّم.
[معنى التّحريف والنّقيصة]
وأمّا التحريف والنقيصة ، فمع ورودها في الروايات الكثيرة من جهة العامّة والخاصّة كما اعترف به الشيخ في تبيانه (١) ، وعدم ظهور معارض لها ، لا أجد نافيا لها ، مثبتا لعدمها ، ومجرّد الشهرة المنقولة على النفي لا يصلح للاعتماد عليه ، خصوصا في مثل المقام الّذي ليس من المسائل الفرعيّة بنفسه ؛ مع أنّه نقل وجود المخالف في كل آن من زمن الائمة عليهمالسلام إلى هذا الآن ، وإن اختلفت الشهرة باختلاف الازمنة ، ولم يظهر لي أمر ينافي صحّة هذا النقل.
[نقد أدلّة النّافين للتّحريف]
وأمّا ما يذكر دليلا للنافين ، فهي وجوه ضعيفة ؛ كقوله : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)(٢).
وفيه أنّ سقوط البعض عن النسخ الشائعة أو تحريفه ليس مبطلا للقرآن الواقعيّ ، خصوصا بعد حفظه عند أهله ، إذ ليس إبطال الكلام إلا بما يجعله باطلا مخالفا للواقع ، ويكون حجّة على ذلك ، أو رافعا له ، أو اشتماله على الباطل في الاخبار عن الماضي أو المستقبل أو الحال. وهل يصحّ أن يقول أحد ـ العياذ بالله ـ بطل كلام النبيّ صلىاللهعليهوآله والائمّة عليهمالسلام وأبطله الراوون إذ غيّروا كلامهم بزيادة ونقيصة أو أتاه الباطل؟
__________________
(١) قد مرّ آنفا ، فراجع تعليقة ٣ ص ١٢٢
(٢) فصّلت / ٤٢.