وفي صريح القرآن : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ.)(١) وهذه التوراة الّتي عند اليهود قد غيّروا فيها صفة محمّد صلىاللهعليهوآله بالاجماع من المسلمين ، وقد أخبر القرآن عن كثير من ذلك.
ومنه قوله تعالى (٢) : (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) يعني : من أسلافهم اليهود (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ) في أصل جبل طور سيناء وأوامره ونواهيه (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) عمّا سمعوه إذ أدّوه إلى من ورائهم من بني إسرائيل (مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) فهموه بعقولهم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنهم في قولهم كاذبون.»
انتهى كلامه.
ولعلّ مثل هذا الاستدلال هو المعنيّ في رواية الاحتجاع الاخيرة (٣) ، فراجع.
[اختيار القول بالتحريف في الجملة]
فالظاهر من ملاحظة ما ذكرناه هو وقوع التحريف في القرآن مادّة وهيئة وكلمة ، وزيادة بعض الحروف ونقصانه ، والتقديم والتأخير ، ونقصان كثير ؛ لكن التصرّف الواقع فيه إمّا أن لا يكون مضرّا بصحّة معنى الكلام الموجود ، أو يكون مبيّنا في كلام الائمّة عليهمالسلام حفظا للدين ، بل الأصل في مطلق التحريف ذلك ، إلا أن يمنع عنه مانع مدفوع بالأصل ، أو بيّن لهم ولم يصل إلينا ، والظاهر عدمه.
وبالجملة فالقرآن الموجود الآن حجّة ظاهرا بدلالة الأخبار الكثيرة
__________________
(١) الاعراف / ١٤٥.
(٢) البقرة / ٧٥.
(٣) راجع صفحة ١١١.