والترقّي إلى عالم القدس ، والنصح والدعاء إلى الله سبحانه بأنواع المقرّبات يترتّب على الثاني أيضا ، بل الموجود في الثاني المعاني والألفاظ قوالب لها يحكي عنها.
فانّ الامام عليهالسلام هو الّذي عنده علم الكتاب ، وكلّ شيء أحصى الله سبحانه في الامام المبين بالوجود العلميّ ، وفي الكتاب الكريم بالوجود اللّفظي ، وفرق ظاهر بين كتاب العلم ونفس العالم المنتقش فيها العلوم. فالامام عليهالسلام بهذا الاعتبار كتاب ناطق كتب الله سبحانه في لوحه معاني القرآن وألفاظه ، وتجلّى فيه بصفاته وآياته وأفعاله ؛ مع استجماعه لسائر الشؤون من تخلّقه بما يستحقّه القرآن من الأخلاق ، وعمله بما يرغب إليه من الأفعال ، وامتثاله لأحكامه في جميع المقامات. فهو كتاب إلهيّ ، وانقياد وعمل بمقتضاه وغيرها.
فهو الداعي إلى الله على نحو دعاء القرآن مع زيادة القبول والدعاء بالفعل فانّ أخلاقه وأعماله تدعو العارف بها إلى التشبّه بها خصوصا مع المناسبة الظاهريّة في هيكل البشريّة. فهما من حيث الحكاية متشاركان في جميع المقامات وإن ازداد الثاني على الاوّل بامور اخر ، وكلّ منهما يدلّ على صاحبه ويشهد بحقيقته وتبيّنه ؛ إذ جميع صفات الامام عليهالسلام مسطور في الكتاب ، ويشهد له بذلك ، وإلّا لم يكن تبيانا لكلّ شيء ، كما أنّ جميع صفات القرآن لفظا ومعنىّ وغيرهما تحصى في الامام عليهالسلام ، ويشهد له بالحقيقة تفصيلا علما ولفظا وتخلّقا ، وهو على صورة القرآن تماما مع إجابته وقبوله.
[بيان أنّ الكتاب هو الثّقل الأكبر]
فان قلت : فعلى هذا الثقل الأكبر هو الامام عليهالسلام دون الكتاب والخبر مصرّح بخلافه.
قلت : إذا لاحظنا سائر مراتب القرآن ومقاماته دون مقام اللّفظ والكتب والنقش ، فمن جملة مقاماته مقام قلب النّبيّ صلىاللهعليهوآله والامام عليهالسلام ؛ إذ هو آيات بيّنات