وأمّا ما نقل عن قطرب من إرادة تحزين الصوت بالقرآن فشاذّ ، ولا يؤيّده الرواية المذكورة في بيان استحباب تحسين الصوت ؛ إذ المذكور هو : التمكّث وتحسين الصوت وهو غير التحزين ، وبينهما عموم من وجه.
ولعلّ المراد من التحسين تحسين المادّة والصورة والنظم ، فيدلّ على ما ذكرنا ، وقد أشرنا إلى بيانه هناك ، فيكون هذه الرواية والروايات السابقة والآتية متفرّقة مع كلمات الجماعة ، مجتمعة على ما استظهرناه وإن احتاج إلى تصرّفات في ظواهر كثير منها.
وأمّا ما ذكره العلامة [ره] من ترك مدّها بحيث يشبه الغناء ، فان كان المراد منه ما يخلّ بأسلوب القرآن ونظامه ، الّذي ينبغي أن يكون عليه ، فهو حسن ، وإلا كان ممنوعا ؛ إذ لم نجد له شاهدا أصلا.
هذا ما سنح بالبال ، والله العالم بحقيقة الحال.
[ترك الافراط في مقدار القرائة إلّا في شهر رمضان]
ومنها : ترك الافراط في مقدار القرائة على ما يستفاد من جملة من الاخبار ؛ فعن الكليني بسنده عن محمّد بن عبد الله قال :
«قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أقرأ القرآن في ليلة ، فقال : لا يعجبني أن تقرأه في أقلّ من شهر.» (١)
وباسناده عن الحسين بن خالد ، عنه عليهالسلام قال :
«قلت له : في كم أقرأ القرآن؟ فقال : اقرأه أخماسا ، إقرأه أسباعا ؛ أما إنّ عندي مصحفا مجزّءا أربعة عشر جزءا.» (٢)
__________________
(١) الكافي ، ج ٢ ، باب في كم يقرأ القرآن ويختم ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٢٧ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٦٢.
(٢) نفس المصادر.