والتسمية هي نظر الوجود وتوجّهه إلى مبدئه ، ومن لواحقه التسمية باللّسان والقلب وغيرهما.
هذا ، ويحتمل أن يكون المراد من الرواية تعلّق الجارّ والمجرور باسم المقدّر ، ويكون الاسم بمعنى السمة والوسم ، ليكون ترجمته مطابقة : «أعلم على نفسي بعلامة الله» ، ويكون الجملة إنشاء كالوجه السابق ؛ إذ التسمية بنفسها عبادة ويجري فيها نظير ما سبق من المراتب ؛ إذ العبوديّة فعليّة وحاليّة وقلبيّة وعقلية وروحيّة ، ولكلّ تسمية ، وحينئذ فيكون أحد المعنيين تفسيرا ابتدائيّا ، والآخر تفسيرا لظاهر الظاهر على ما مرّ بيانه في المقدّمة (١) ، أو أحدهما للبسملة القرآنية والآخر لغيرهما ممّا يقع في كلمات العباد ، لا بعنوان كونه قرآنا. وعلى ما ذكر يكون المعنى الثاني ذكرا للمدلول الالتزامي للمعنى الاوّل المراد بالكلام مطابقة وهذا ممّا يؤيّده ترجيحه.
ثم الرواية الاخيرة يويّد ما ذهب إليه الكوفيّون من كون الاسم أصله الوسم والسمة ، لأنّ الاسم علامة للمسمّى ، خلافا للبصريّين ، فذهبوا إلى أنّ أصله السموّ بمعنى العلوّ ، والمناسبة أنّ التسمية تنويه للمسمّى وإعلاء له ، أو أنّ اللّفظ معرّف للمعنى ، والمعرّف متقدّم على المعرّف في المعلوميّة ، فهو عال عليه. وكلاهما بعيدان وإن كان اشتقاق الاسماء وأسمّي وسمّيت في الجمع والتثنية وبناء الفعل يؤيّده.
[في وجوه تعليق الاستعانة باسم الجلالة وكيفيّتها]
ثمّ إنّ في تعليق الاستعانة وما شابهها باسم الله سبحانه في البسملة وسائر
__________________
(١) راجع المقدمة الرابعة ، بحث مراتب القرآن.