وبالجملة فالكلام تابع لصفة المتكلّم كاشف عنه ، ألا ترى أنّ من لم يكن مطّلعا على حال عالم من حيث العلم والحال إذا نظر إلى كتابه عرف به حال المصنّف؟ فمن هذا الميزان يصحّ أن يعرف البصير كلام الله سبحانه من غيره ، فيعلم به أنّه لا يقدر أحد وصف كتاب الله صورة ومعنى كما لا يحصي أحد وصف الله سبحانه وثنائه فان كنت لا تعرف في كتاب الله سبحانه ما وصفناه لك فاعلم أنّ النقص فيك وفي بصيرتك ، وأنّك محتجب عنه بحجاب ؛ لا أنّه ناقص في البيان والهداية ، والنقص منك لا منه ، فاجتهد في رفع حجابك ، وألق السمع وأنت شهيد.
[أسماء القرآن]
واعلم أنّ للقرآن صفات كثير [ة] وصفه بها (١) سبحانه ، يشهد بحقيقتها العارفون ، ينتزع منها أسماء كثيرة للقرآن على ما جمعه بعض العلماء (٢) وإن كان في بعضها بعض الاحتمال :
منها : «الفرقان» ؛ قال تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ.)(٣) والظاهر إرادة معنى الفرق والفصل بين الحقّ والباطل.
ومنها : «التذكرة» و «الذكرى» و «الذكر» ؛ قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ)(٤) ، (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)(٥) ، بضميمة : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ
__________________
(١) المخطوطة : «به».
(٢) كثير من العلماء والمفسّرين ذكروا أسماء القرآن وصفاته في كتبهم ، وبيّنوا معانيها ونكتها ؛ منهم : فخر الدين الرازي في تفسيره. وقد يحتمل أنّ المؤلّف (قده) قد أخذ هذه الأسماء عنه باعتبار ترتيب بيانها وتفسير بعضها على ما ذكره ، فراجع تفسير الكبير ، ج ١ ، ص ٢٣٨ ـ ٢٤١.
(٣) الفرقان / ١.
(٤) الحاقّة / ٤٨.
(٥) الذاريات / ٥٥.