إذ لا يعقل السلطنة بدون فرض الرعيّة ، إلا أنّه لا يلزم ملاحظة شخص خاصّ أو أشخاص في التوصيف بخلاف الملك بالكسر ؛ إذ يعتبر فيه النسبة الخاصّة ولو حذف من اللّفظ.
وحينئذ فالملك بالضمّ أقوى أنواع المجد ، فيتّحد الروايتان إن أخذنا الملك بالضمّ ، كما يؤيّده الاستشهاد بالانواع ؛ إذ مجد الحقّ أعظم مجد وأقواه بديهة ، ولا مجد فيما يعرفه الناس أعظم من السلطنة. وإن أخذنا الملك بالكسر فبعد عموم متعلّق الملك يكون بمنزلة التفصيل من الاجمال الذي يدلّ عليه المجد ، فيتّحدان في الحقيقة وإن اختلفا في اللحاظ.
وحينئذ فنقول في معنى الاشتقاق : إنّ حقائق الاسماء الالهيّة على نوعين : إمّا ظاهر من شأنه الظهور ؛ أو خفيّ من شأنه الخفاء بنفسه وإن ظهر في آثاره والثاني أقرب إلى الحقّ ، لكونه مثالا للحقّ في غيبيّة الذات وظهوره بالآثار ، فهو الرابطة بين الظهور والبطون ، وذاته الخفيّ من طرف الحقّ ، وأثره من طرف الخلق ، فهو آية الحقّ في الظهور والبطون ، فالمطابق له في الالفاظ الالف الذي أوّل الحروف من حيث أوّليّته وخفائه عن أوائل أسماء الله سبحانه وغيرها ، كالبسملة لفظا وظهوره كتبا ، إلا في البسملة حيث ابدل إظهاره بتطويل الباء لما ذكروه في موضعه ، ونسبة الكتابة إلى اللّفظ نسبة الجسد إلى الروح ، فهو خفيّ روحا وظاهر قشرا ، ومن حيث استقامته التي هي الاصل في أشكال الحروف ، ككون «الصراط المستقيم» صفة فعل الحقّ ؛ (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(١) ومن حيث اشتقاق سائر الحروف منه كتبا. فهو كالمركز من الدائرة ؛ كتوسّط (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) بين السبل (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)(٢) ولان
__________________
(١) هود / ٥٦.
(٢) الانعام / ١٥٣.