من حيث كونها مظاهر له. والمعبود المطلق من كان كاملا في ذاته وصفاته باستجماعه جميع الصفات الجماليّة والكماليّة ، الذاتيّة والفعليّة ، مرجوّا عند كلّ ما يرجى ، مخوفا عند كلّ ما يخاف ، مستحقّا للمحبوبيّة بجميع الوجوه والحيثيّات ، وللحياء منه بجميع الشئون الموجبة لاستحقاق الحياء منه ، متوحّدا في جميع ذلك ، لا يشاركه في شيء منها غيره. فمدلول هذه الكلمة شاملة لمدلول كلّ اسم من الاسماء الظاهرة ، فهو أعظم منها وأعمّ.
ومن هنا يتبيّن أنّه المقدّم عليها معنىّ ، فهو المستحقّ للتقديم لفظا يوصف بها ، ولا يجري وصفا لشيء منها.
[في بيان أنّ كلمة الجلالة ليست اسما للذّات]
وممّا ذكرنا ظهر فساد الاستدلال على أنّه اسم للذات بأنّه لولاه لم يكن مفهومه مانعا عن وقوع الشركة فيه ؛ إذ الاستغراق والشمول لجميع ما سواه يمنع من الشركة فيه ، فيكون كلمة التوحيد دالا عليه ، فكأنّ معناها أنّه لا معبود إلا المعبود المطلق ، وبملاحظة الترتيب العقلي لما ذكرنا. وأمّا الاستدلال بلزوم انتفاع اسم الذات ، فمردود بأنّ امتناع وقوع الادراك على الذات من حيث هي هي ، الّذي هو الغيب المطلق ، ومنقطع الاشارات العقليّة والوهميّة والحسّيّة مانع عن وضع اسم بازائه ؛ إذ كلّ معروف بنفسه مصنوع كما ورد عنهم عليهمالسلام (١).
وأمّا ما أورده الفاضل النيشابوري في تفسيره (٢) من «أنّ وضع الاسم للذات لاينافي عدم إدراكه كما ينبغي ، وإنّما ينافي عدم إدراكه مطلقا ، فيجوز أن يقال : الشيء الّذي يدرك منه هذه الآثار واللّوازم مسمّى بهذا اللّفظ ، وأيضا إذا كان
__________________
(١) راجع خطبة علي بن موسى الرضا ـ عليهالسلام ـ في مجلس المأمون في التوحيد ، وقد مرّ مصادرها في تعليقة ٢ ص ٢٣١.
(٢) تفسير النيشابوري ، ج ١ ، ص ٢٠.