لا لمن سواه ، وهو التوحيد في هذه الصفة كما ورد في بعض فقرات الصحيفة السجاديّة على ما ببالي :
«فلعلّ بعضهم برحمتك يرحمني.» (١)
ولعلّ هذه الرحمة هي حقيقة المراد من قوله تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)(٢) في مقام التكوين لا الوعد ، وقوله سبحانه : «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ ـ الخ» (٣) ، وقوله عزوجل : (رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ)(٤) ، وما ورد من أنّه سبقت رحمته غضبه (٥) ، وما في دعاء كميل من قوله عليهالسلام : «برحمتك التي وسعت كل شيء» ، وما شابهها.
[في أنّ مرتبة الرّحمة متأخّرة عن مرتبة الالوهيّة]
ثمّ إنّ هذه الرحمة المخلوقة يظهر في الموجودات تارة في ضمن حصص محدودة معيّنة ؛ كالحالة الحادثة فينا وفي غيرنا من ذوات الادراك ، كما يظهر نور الشمس في نور القمر وغيره من ذوات الانوار ؛ وأخرى بآثارها وغاياتها المترتّبة عليها من
__________________
(١) الصحيفة السجادية ، دعائه ـ عليهالسلام ـ في ذكر التوبة وطلبها (د ٣١٠).
(٢) الانعام / ٥٤.
(٣) الاعراف / ١٥٦.
(٤) الانعام / ١٤٧.
(٥) هذا المعنى قد وردت في روايات نقلها الاعلام ؛ منها : ما رواه ابن فهد الحلّي (ره) في عدة الداعي ، الباب الرابع ؛ ونقله الحر العاملي (رض) عنه في الجواهر السنيه ص ٧٢ من أن الله سبحانه حين أرسل موسى إلى فرعون قال له : «توعده وأخبره أنّي إلى العفو والمغفرة أسرع منّي إلى الغضب والعقوبة.» ومنها : ما نقله الطريحي (ره) في مجمع البحرين من كلامه سبحانه : «رحمتي تغلب على غضبي.» ومنها : ما في العيون والعلل وتفسير الامام ـ عليهالسلام ـ من كلامه سبحانه لموسى ـ عليهالسلام ـ : «انّ رحمتي سبقت غضبى.»