حقائق الاسماء وحقائق مدلول البسملة أمور متعددة لا تجمعها وحدة من البهاء والسناء والملك أو المجد ، وآلاء الله على خلقه من نعيم الولاية وإلزامه إيّاهم قبوله ، وهوان مخالفيهم في مقام الحروف ، والرابط بين اسم الحقّ والخلق المدلول عليه بالباء ، ومطلق الاسم أنّه لم يجعل مقحما فيه ، أو متعيّنا بالمضاف إليه في مقام قانون العربيّة ، واسم الجلالة والرحمن والرحيم. والظاهر أنّ شيئا منها ليس اسما جامعا على ما وصفنا ، كما يظهر بالتأمّل فيما فصّلناه سابقا ، فيشبه أن تكون هي تفصيل ذلك الاسم الاعظم وبمنزلة الحروف من تلك الكلمة ، وإذا أخذت تلك الحقائق التفصيلية ونسبتها إلى الحقيقة الاجماليّة الوحدانيّة ، ولاحظت إحاطة ذلك الاسم الواحد بها واندراجها فيه ، كان الاسم الاعظم كالبياض المحيط بالناظر المشتمل على الاجزاء المتعدّدة ، والسواد مشتمل عليها ، أو قربه إليها قرب البياض إلى أحدهما ؛ إذ ليس المحاط معزولا عن المحيط ومفضولا عنه سواء كانت الاحاطة صوريّة أو معنويّة ، فالاعظم هو البياض ، كما هو الاظهر بلفظ الرواية. وإن لاحظت أنّ الحقائق التفصيليّة مظاهر ومحالّ لتلك الحقيقة الوحدانيّة ، وهي الظاهر فيها المتجلّي بها كانت هي كالبياض وتلك الحقيقة كالسواد أو الناظر ، وقربها إليها كقربه إليه إذ قرب الظاهر والمتجلّي في المظهر المتجلّى فيه بحسب المعنى ، وكقرب الحالّ إلى المحلّ في الصورة.
وإذا عرفت كيفيّة النسبة بين البسملة والاسم الاعظم في مقام الحقيقة صحّ لك اعتبارها بين لفظ البسملة وذلك الاسم اللّفظي ؛ إذ نسب الالفاظ هيهنا تابعة للحقائق كتبعيّتها إيّاه في وصفها بالكلّيّة والجزئيّة ، والترادف والتباين ، وكما أنّ بياض العين غير محيط من جميع الجوانب ، كذا لا يحيط البسملة بجميع تفصيل الاسم الاعظم مطابقة ؛ إذ منه أسامي القهر والانتقام في مقام التفصيل ، وهي غير مصرّحة بها ، وإن فهم من الملك والمجد إن لم تؤخذ بمعنى الكرم والالوهيّة على