يترك الناس مشاغلهم ، ويشتغلوا بمدح فاعلي كلّ حسن ، ولا يسعه أوقاتهم لكثرتهم وكثرة أفعالهم.
ونظير هذا ما نذهب إليه في استحقاق فاعل الحسن وكلّ مطيع الثواب بحسب حكم العقل الاوّليّ ، فانّه لا يحكم بأنّه يستحقّ من الله سبحانه ثوابا بمعنى ثبوت حقّ للعبد على الحقّ لو لم يؤدّه لكان ظالما له ، بل يحكم بالاستحقاق بمعنى أنّ من شأنه أن يثاب عليه ، بحيث لو أثيب عليه لكان واضعا للشيء موضعه بخلاف فعل القبيح والمعصية ، إذ لو أثيب عليهما لكان قبيحا ، ويظهر حاله من ملاحظة حال المعصية بالنسبة إلى الذّمّ والعقاب ؛ إذ ترك ذمّ فاعل القبيح لغير مصلحة من ردع وهداية وغيرهما لو لم يكن راجحا على فعله لم يكن مرجوحا ، مع أنّه يطلق عليه الاستحقاق ، وكذا العقاب على مرتكب القبيح والمعصية لو لم يكن مرجوحا بالنسبة إلى العفو لم يكن راجحا ، مع قطع النظر عن الخصوصيّات ، مع أنّهم يطلقون الاستحقاق عليه.
[وجوب شكر المنعم في الواجب والممكن ونسبته مع الحمد]
فان قلت : كيف يصحّ إنكار حق المدح من المنعم على المنعم عليه ؛ كالاستاد بالنسبة إلى التلميذ ، والسيّد بالنسبة إلى عبده ، والمعطي بالنسبة إلى السائل ، والمحسن بالنسبة إلى المحسن إليه ، مع اتّفاق كلمة العدليّة على الظاهر على وجوب شكر المنعم ، والحمد من الشكر بل رأسه كما في الخبر (١)؟
وكيف يصحّ إنكار وجود المنعم في المخلوقين مع تصريح كلماتهم واحتجاجاتهم
__________________
(١) قال النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «الحمد رأس الشكر.» نقله الزمخشري في الكشاف ، ج ١ ، ص ٧ ؛ والبيضاوي في أنوار التنزيل ، ص ٣ ؛ والنيشابوري في تفسيره ، ج ١ ، ص ٣٠. وقريب هذا المضمون قد ورد في روايات نقلها علماء الخاصة ؛ كالكليني (ره) ، فراجع الكافي ، ج ٢ ، باب الشكر.