والّذي أحتمله قويّا أنّ الاصل في معنى هذا اللّفظ هو التربية وإصلاح شأن المربوب.
وذكر شيخنا البهائي في تفسير التربية هنا أنّه : «تبليغ الشيء كماله تدريجا» (١) وهو جيّد. وإطلاقه على المالك والسيّد باعتبار أنّ من شأنه القيام بشأن المربوب وتربيته ، وكذا المدبّر والمنعم ؛ إذ فيهما بعض شؤون التربية ، وعلى الصاحب باعتبار أنّ من شأنه القيام ببعض حاجات صاحبه ، ويشهد له ملاحظة جملة من المشتقّات ؛ كالربيبة الّتي تربّى في دار الرجل ، و «الربّي» على فعليّ بمعنى : الشاة الّتي وضعت حديثا حيث انّ همّها تربية ولدها ، والربيبة واحدة الربابيب للغنم التي تربّيها الناس في البيوت لألبانها ، والربيبة للحاضنة والمربّيات ، يقال : زنجبيل مربّب ومربّى بمعنى ، وغيرها.
والمراد بالتربية ليس خصوص التغذية بالمعنى الاعمّ للحيوان والنبات ، بل إصلاح الشأن مطلقا من رزق وتكميل وإعطاء ما يحتاج إليه ودفع ما يضادّه وينافيه ، بل خلقه أن جعل المربوب هو الشيء الّذي أعطى خلقه ثمّ هدى (٢).
وحينئذ فالربّ هو القائم بأمر المربوب من خلق وهداية ، ورزق وإعطاء ما يحتاج إليه ، ودفع ما يضرّه. ويرشد إليه في الجملة ما تقدّم من الروايتين.
وحينئذ فلعلّ منشأ عدم استعماله بدون الاضافة على غيره سبحانه واختصاصه به جلّ وعلا من جهة إفادة حذف المتعلّق العموم حيث لا معهود ، وهو منحصر فيه سبحانه ، وإطلاقه مضافا مبنيّ على ظنّهم كون غيره سبحانه مربّيا حقيقة ، أو لكونه في صورة المربّي وإن لم يكن موجدا للتربية في الواقع.
__________________
(١) العروة الوثقى (المخطوط) ، رب العالمين.
(٢) مأخوذ من قوله تعالى : «قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى.» (طه / ٥٠).