غايات الطاعة ، وطاعة الاشياء كلّها للحقّ طوعا وكرها ، ويوم الاذلال والقهر لمن لم يكن ذليلا مقهورا للحقّ حتّى يصير الكلّ منقادين.
وأنت إذا دقّقت النظر رأيت الشريعة والدين ميزانا يحاسب عليها العباد في المعنى الآن وفي الصورة غدا ، والاتيان بها وإقامتها يصير جزاء بنفسه اليوم باطنا ، وغدا ظاهرا على ما نذهب إليه من تجسّم الاعمال وجوهريّة العلوم والمعارف والملكات والاحوال ، وهي الطاعة ؛ إذ لا يطاع الله إلا بدينه الّذى وضعه على خلقه ، وهو العبوديّة الّتي هي غاية التذلّل والاسلام الكلّي ، الّذي هو غاية المقهوريّة ، فيوم القيامة يوم ظهور الدين والطاعة والذلّة له سبحانه بحقائقه وآثاره وغاياته من الحساب والجزاء ؛ (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ.)(١)
[اختلاف القرائات في كلمة «مالك»]
ثمّ إنّه قد اختلفت القرّاء في القرائة هنا على قراءات شاذّة ، وقرائتين مشهورتين : أحدهما : مالك يوم الدين بالالف عن «سهل» و «يعقوب» و «عاصم» و «عليّ» و «خلف» ، والاخر : ملك بلا ألف مكسور اللام كما نسب إلى الباقين من السبعة ورواتهم (٢).
وقد اختلف كلمات العلماء في الترجيح فذهب جماعة إلى ترجيح الثاني ، وعلّل بوجوه من أنّ كلّ واحد من أهل البلد يكون مالكا ، والملك لا يكون إلا واحدا ، وهو أعلاهم شأنا ، والموافقة لقوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ)(٣) ولم يقرأ فيه غير ملك ، ولقوله : «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ
__________________
(١) طه / ١١١.
(٢) راجع مجمع البيان ، والبيان للامام الخوئي ـ مدّ ظلّه العالي ـ وسائر التفاسير.
(٣) الناس / ١ ـ ٢.