الدّين وعماد اليقين ، أزمّة الحقّ وأعلام الدّين وألسنة الصدق ؛ فيهم كرائم القرآن وهم كنوز الرّحمن ، عيش العلم وموت الجهل ، يخبر حلمهم عن علمهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحقّ ولا يختلفون فيه ؛ هم دعائم الاسلام وولائج الاعتصام.
[السبب الباعث لتأليف هذا الكتاب]
أمّا بعد ، فانّي طالما كنت أتمنّى التّوفيق لكتابة تفسير مشتمل على بيان ظواهر الآيات ، والمواعظ المستخرجة منها ، والمعارف والعلوم المشيرة إليها ، وجملة من النكات الصوريّة والمعنويّة المحتوية عليها وأشباه ذلك ، منضمّا إلى ذكر الأخبار المنقولة في طيّها مع بيان ما نحتاج إلى البيان منها ، وتطبيقها على مدلول الآيات عند المخالفة بين ظواهرها ، والجمع بين ما اختلف ظواهرها ، واستخراج المعاني الكليّة منها ليكون الكتاب جامعا بين علمي الكتاب والسنّة ، الّذين امرنا بالتمسّك بهما ؛ مع أنّي لم أعثر إلى الآن على تفسير مشتمل على تلك المقاصد المهمّة مع تكثّرها ؛ وكانت العوائق تمنعني عن الاقدام منضمّة إلى علمي بقصوري عن السبق في ذلك الميدان ، وانحطاط رتبتي عن التعرّض لذلك ، وخوفي عن الوقوع في تفسير شيء من كلام الله تعالى وأوليائه بالرّأي ، أو متصرّفا فيه بهواي ؛ إلى أن اجتمع رأيي في الاقدام على ذكر ما يسنح بالبال من المطالب المذكورة وما شابهها على وجه العرض على أذهان إخواني في الدّين وطلّاب العلم واليقين ، فينظروا فيها بعين الدقّة والانصاف دون الجور والاعتساف ، فما وجدوه حقيقا بالقبول فمن فضل الله ومنّه على عبده ، وما وجدوه سقيما فمن قصوري وتقصيري ؛ فأكون كمن يعرض السلعة على الطالبين متبرّئا من عيوبه ، مذعنا بنقصانه ، فمن وجد شيئا منها مرغوبا أخذه وإلّا تركه أو صحّحه.
ولا أدّعي في شيء منها إصابة نظري وفكري ؛ فانّ معاني كلمات الله وأوليائه