فرؤية المال ملكا للحقّ من شئون المعرفة به سبحانه ، وأنّه المالك لجميع الاشياء. وأمّا هوان الانفاق عليه ، فهو بمنزلة غصن لبذر المعرفة السابقة. وأمّا وضعه المال حيث أمرهم الله ، فهو ثمرة هذا الغصن ، وأمّا تفويض تدبير نفسه إلى مدبّرها ، فهو غصن أصلها المعرفة بأنّه الربّ المطلق ، وله الربوبيّة كيف يشاء ، وليس له من صفات الربوبيّة شيء لا يقدر لنفسه ضرّا ولا نفعا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وأمّا الاشتغال بما أمره الله ونهاه ، فهو مقام الانقياد لما يرد عليه من المعبود.
هذا ما سنح بالبال في شئون العبادة والعبوديّة ، والله العالم بحقيقة الحال.
وفي كلّ هذه المقامات المتصوّرة يتصوّر توحيد وشرك ، وقلّ من توحّد في جميعها بحيث لم يدخل فيه شرك في شيء منها حتّى جنس الخضوع بأن لا يخضع لغيره سبحانه ، أو لأجله ، أو لأمره سبحانه. نسأل الله التوفيق والسداد والعصمة ، وهو المستعان.
(وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
«على طاعتك وعبادتك ، وعلى دفع شرور أعدائك وردّ مكائدهم ، والمقام على ما أمرت» كذا عن تفسير الامام عليهالسلام (١).
[معنى الاستعانة]
وأصل الاستعانة طلب المعونة على الفعل ، والظاهر منه في المقام إمّا طلب
__________________
ـ طلب العلم وأحكامه ، ص ٢٢٤ ، ح ١٧ ، من خطه (الشيخ البهائي) ، عن الشيخ شمس الدين محمد بن مكي ، وقد نقله من خط الشيخ أحمد الفراهانى (ره) ، عن عنوان البصري.
(١) تفسير الامام ـ عليهالسلام ـ ، ص ١٥ ، عن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ؛ والصافي ، ج ١ ، ص ٣ ؛ والبحار ، ج ٩٢ ، باب فضائل سورة الفاتحة وتفسيرها ، ص ٢٥٢ ، ح ٤٨.