المعونة في المهمّات أو مطلق الافعال الّتي تتعلّق القصد بها بأسرها ، ومنها : التحرّز عمّا ينبغي التحرّز منها ، تعويلا على إفادة حذف المتعلّق العموم حيث لا معين.
وإمّا بالنسبة إلى خصوص أداء العبادة والقيام بوظائفها الظاهريّة والباطنيّة من الاخلاص وحضور القلب وغيرهما باعتبار رجحان هذا القسم على سائر الافراد بورود اللّفظ عقيب ذكر العبادة ولعلّ الاوّل أولى.
[حصر العبادة والاستعانة لله تعالى]
وهذه الفقرة في إفادة الحصر كسابقه ، وحصر الاستعانة به سبحانه نتيجة التوحيد في اسم الربّ بالمعنى المتقدّم الشامل لإسمي الضارّ والنافع ؛ إذ من يعلم أنّه لا ضارّ ولا نافع سوى الواحد القهار كيف يستعين بغيره ولم يجد معطيا سواه ، ولا مغيث ولا مفزع ولا مهرب ، ولا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه؟ وهذا توحيد غامض بحسب العلم ، صعب المنال حالا وعملا ، وبدونه لا تكمل حصر الاستعانة ، فيكون القائل كاذبا ؛ إذ مادام في النفس اعتقاد أو احتمال أنّ شيئا يمكن الاستعانة منه ، ويقدر على إعطاء معونة له ، وإيجاد عون عليه لا يكمل الانقطاع إليه سبحانه بتوحيد الاستعانة.
وهذا التوحيد من جزئيّات التوحيد في اسم المنعم المندرج تحت اسم الربّ ، فانّ الاعانة وبذل المعونة من أعظم أنواع النعمة ، والانعام باطلاقة من شئون الربوبيّة وإلى ما ذكرنا من صعوبة هذا الحصر ينظر ما ذكره شيخنا البهائي في جملة علل تقدّم العبادة على الاستعانة بقوله :
«إنّ التخصيص بالعبادة أوّل ما يحصل به الاسلام ، وأمّا التخصيص بالاستعانة فانّما يحصل بعد الرسوخ التامّ في الدين ، فهو أحقّ بالتأخير.» (١)
__________________
(١) العروة الوثقى (المخطوط).