يمرّ عليه حبوا ، ومنهم من يمرّ عليه متعلّقا ، فتأخذ النار منه شيئا وتترك منه شيئا.» (١)
وفي رواية أخرى : «أنّه مظلم يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم.»
أقول :
وتحقيق الكلام في الصراط بحيث يجتمع به هذه الاخبار يقتضي بسطا ما في الكلام لا بأس بايراده هنا ؛ لأنّه من المهمّات ، ويتفرّع عليه كثير من المطالب ، فنقول ـ وبالله التوفيق ، ومنه الاستعانة إلى سواء الطريق ـ :
إن لكلّ من أمثال هذه الكلمة معنى ظاهريّا وحقيقة بمنزلة الصورة والمعنى ، وكلاهما حقّ صحيح.
[الصّراط في الدّنيا هو الدّين]
أمّا المعنى الظاهري للصراط ، فهو أنّ لكلّ مقصد من مقاصد الانسان وسائل ومقدّمات لا يصل إليه إلا بها ، ويعبّر عنها بالطريق وما يرادفه لها ، فيقال : طريق تحصيل الغنى هو التجارة ، وطريق حصول الصحّة للمريض شرب الدواء ، وطريق قرب السلطان خدمته ، ووجه المناسبة واضح ، فانّ الانسان كما لا يصل إلى المكان الذي قصده إلا بطيّ طريقه ومسافته ، كذلك لا يصل إلى تلك المقاصد إلا بطيّ تلك الوسائل والمقدّمات ، فهي واسطة بين الانسان ومقصوده ، وكلّ جزء من أجزاء هذه الواسطة حصل قرب حصول المقصود له ، كما يقرب الغاية المكانيّة بطيّ جزء المسافة.
وحينئذ فنقول : لا شكّ أنّ الوصول إلى نعيم البرزخ والآخرة بأقسامها
__________________
(١) راجع المصادر المذكورة في تعليقة ٣ ص ٣١٩ ؛ وأيضا رواه الصدوق (ره) في الامالي ، المجلس الثالث والثلاثون ، ح ٤.