الّتي لا أهمّ منها للعبد ، وهو طلب الهداية.
[أنحاء سلوك الصّراط في يوم القيامة]
ولهداية الله سبحانه عبده واستجابته هذا الدعاء أنحاء ، أظهرها في هذا العالم ، وسببه العادي الشائع هو الهداية بتوسّط هاد من جنسه ، وهو النبيّ والامام بعد تعريف العبد إيّاه ؛ إذ هو الواسطة بين الحقّ في مقام الهداية ، والمبيّن للحقّ بكلامه وعلمه وخلقه وعمله ، وكلّ من كان علمه به أكثر كان أعلم بالحقّ ؛ إذ هو مع الحقّ والحقّ معه ، فمعرفته معرفة الصراط ، وهو الصراط ، حيث انّ المقتدي به في الجنّة وتاركه المعاند له في النار. فمن كان ثابتا معه نجى ، كالثابت على الصراط ، والمتخلّف عنه هالك ، كالّذي زلّ عن الصراط. والثابت معه في طريقته إمّا ثابت باستقامة وقوّة بلا كلفة ، فهو مارّ على الصراط راكبا أو كالبرق ؛ وإمّا مع كلفة يسيرة فهو كالماشي على الصراط ؛ وإمّا مع تكلّف شديد بلا قوّة فهو كمن يمرّ حبوا ؛ ومنهم : من يثبت تارة وينحرف أخرى ، أو من جهة دون جهة ، فهو كمن يمرّ عليه متعلّقا فتأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا.
وليس الغرض الاصليّ من معرفة الامام معرفة شكله وأوصافه البشريّة ؛ إذ الكفّار والفجّار المشاهدون له يعرفون ذلك كلّه ، ولا يعرف شيئا منها الموالي له الغائب عن خدمته ، بل معرفة إمامته وما يتعلّق بامامته ، وهو حقيقة مصداق الدين والصراط المستقيم ، فالمقتدي به هو السالك للصراط المستقيم.
وعلى هذا فيتّحد طلب الهداية إلى الصراط وطلب معرفة أمير المؤمنين عليهالسلام على الوجه المتقدّم ، فهو مذكور في أمّ الكتاب على ما مرّ. ولعلّ وصفه حينئذ بالعلوّ لوصوله إلى المقصود وتكميله السير على الصراط ، ولا تقانه العلم والعمل وهما الجزئان للصراط ، أو لسلوكه على ما مرّ.