ويمكن أخذ الاسم الاوّل علما في هذا النحو من التأويل ، والحكم خبر مبتدأ هو ضمير له ، ويكون الغرض الاخبار عن حكمته وصلاحيّته للامامة العامّة ، والتعبير ب «لدينا» إشارة إلى نهاية قربه من الله سبحانه ، أو ثبوت كونه كذلك عند الحقّ مصونا عن التغيير والتبدّل.
[معرفة الامام هي معرفة الله ومعرفة النّبيّ والدّين والعبوديّة والرّبوبيّة]
ثمّ إنّ الّذي يظهر من التأمّل في صفة الامام أنّه مظهر للحقّ بآيتيّته له ، وظهور أسمائه سبحانه فيه ، وصيرورته عين المعرفة بالحقّ ، فمعرفته معرفة الحقّ ، وهو الطريق إلى معرفة الله سبحانه بفنائه عن نفسه وبقائه بربّه ، وفناء صفات نفسه وظهور انعكاس صفات الحقّ فيه ، وفنائه عن إراداته وتبعيّته المطلقة لارادة ربّه بظهور إرادة الله سبحانه فيه ، وفنائه عن أفعاله وظهور أفعال الحقّ فيه ، فهو مرآة لمعرفة الله بعنوان مطلق ولمعرفة النبيّ صلىاللهعليهوآله ؛ لأنّه مماثل له نائب عنه وخليفة له ، قائم مقامه في جميع الشؤون سوى خصائص النبيّ.
وهو مظهر صفة العدل ، لكونه عادلا في شؤون نفسه وفي شؤون العباد كلّها ، وهو حاك عن المعاد بجامعيّته حيث إنّ الّذي يظهر من صفة المعاد هو الجمع بين العوالم المتضادّة ، وتوافق العوالم وظهور البعض في الآخر ، وهذا ظاهر صفة الامام. وباستشرافه على عالم الآخرة فالعارف بالامام هو العارف بأصول الدين على التفصيل.
ثمّ إنّه مع ذلك عبد مطلق ظهر فيه العبوديّة بكمالها وتحقّق فيه ، فمعرفته معرفة العبوديّة ، كما أنّها معرفة الربوبيّة ، ومتابعته خلقا وإرادة وعملا هو العبوديّة والعبادة ، فهو في صورة الصراط وحقيقته في الخارج.