الانعام هنا بالانعام الحقيقيّ ليس بعيدا عن لفظ الآية في الواقع وإن ظننّاه بعيدا لخطائنا في المصداق.
ويمكن أن يراد من الرواية حصر النعمة في الآية بما ذكر ، وله أيضا وجه حيث إنّ قرينة ذكر (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قبل هذا الّذي هو صراط الدين والطاعة بناء على ما سبق يقوّي احتمال إرادة ذلك بخصوصه من الانعام.
ولعلّ في إبقاء اللّفظ حينئذ مطلقا بناء على هذا إشارة إلى أنّ ذلك موصل إلى كلّ النعم وبمنزلة الاصل لجميع النعم ، وهو كذلك عند الخبير. وكلا الوجهان آتيان في قوله تعالى : «وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ـ الخ» (١).
ويحتمل فيهما وجه ثالث ، وهو إرادة المنعم عليهم بعموم النعم ، الّذين يصدق عليهم ذلك بقول مطلق ، فالكفّار وإن شاركوهم في القليل ، لكنّهم محرومون عن العموم. وأمّا إبقاء الانعام في الآية على إطلاقه وإخراج الكفّار ونحوهم عنه بقوله : «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ـ الخ» كما ربّما يظهر من بعضهم فبعيد بالنظر القاصر.
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
في ذيل الرواية المتقدّمة أنّه قال في (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) :
«هم اليهود الّذين قال الله فيهم : (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ)(٢)».
وفي الضالّين قال :
«هم النصارى ، الّذين قال الله فيهم : (قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً)» (٣).
__________________
(١) قد مرّ آنفا.
(٢) المائدة / ٦٠.
(٣) الآية : المائدة / ٧٧ ؛ والحديث في تفسير الامام ـ عليهالسلام ـ ، ص ١٨ ؛ ـ.