فلعلّ في ذلك إشارة إلى التأويل المذكور لأولى الالباب.
[في معنى الرّيب]
ثمّ إنّ الريب هو الشكّ وأصله : قلق النفس واضطرابها ، كما روى الزمخشري عن المجتبى عليهالسلام أنّه قال :
«سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله [يقول] : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فانّ الشكّ ريبة ، والصدق طمأنينة.» (١)
قال الزمخشري : «أي : فانّ كون الامر مشكوكا فيه ممّا تقلق له النفس ولا تستقرّ به ، وكونه صحيحا صادقا ممّا تطمئنّ له وتسكن.» (٢)
وظاهره أن المراد كون الاعتقاد سببا لسكون النفس ، والشك سبب للقلق.
ولعلّ الاظهر أن يفسّر بأنّ الطمأنينة إذا حصلت في النفس من الخبر دلّت على كونه صادقا في إخباره ، وإن ارتفعت عنه وحدث الريب فهو موضع ريبة وتهمة ، كما يؤيّده ما روي في المشهور عندهم أنّ الصدق طمأنينة والكذب ريبة. وكان مفاد الخبر حينئذ أنّ سكون النفس وطمأنينته على الخبر علامة صدقه. ولعلّ مرجعه الاحالة إلى ذوق النفس وطبعه ، فشرط ظهور العلامة سلامته من الامراض المغيّرة لمزاجه وطبعه.
وكيف كان ، فنفي جنس الشكّ في الكتاب لا ينافي ما ظهر من الاشقياء المرتابين ؛ لأنّ المنفيّ كون الريب فيه لا في النفس المائلة عن الاستقامة ؛ إذ الكلام الّذي يشهد بلفظه ومعناه من جهات كثيرة بأنّه الحقّ الثابت كيف يكون الشكّ ، أو ما يوجب التهمة مستقرّا فيه ، وقد استقرّ فيه من كلّ وجه ما ينفي الشكّ
__________________
(١) الكشاف ، ج ١ ، ص ١٩ ؛ وهكذا في أنوار التنزيل ، ص ٨.
(٢) الكشاف ، ج ١ ، ص ١٩.