وببالي أنّه ورد في روايات أخر قريبة منه أيضا ، وذلك باعتبار أخذ الايمان من جعل الامن للغير ، ولعلّه للمؤمن الكامل باعتبار إكماله إيمانه نفسه حتّى صار يؤمن غيره ، ويصيرون ذا أمن به.
فالظاهر حينئذ أخذ الايمان في لسان أهل الشرع بهذا المعنى ، وأن يكون هذا هو الاصل في الّذي نقل الاتّفاق من الكلّ عليه من أنّ الايمان لغة عبارة عن التصديق المطلق ، وما اشتهر بينهم ظاهرا من جعل الايمان في الشرع عبارة عن تصديق بأمور مخصوصة على الاختلاف الشديد الواقع فيه بين طوائف المسلمين ، كما أنّه اختلف إطلاق اللّفظ في الكتاب والسنّة بحسب الظاهر ، وأثبت بعض المحدّثين له معان وإطلاقات متعدّدة.
[أقسام الايمان على ما في تفسير القميّ]
وذكره القميّ هيهنا أنّ :
«الايمان في كتاب الله على أربعة وجوه (١) ، فمنه : إقرار باللسان قد سمّاه الله إيمانا. ومنه : تصديق بالقلب ، ومنه : الاداء ، ومنه : التأييد ... ـ وأورد للأوّل ـ قوله تعالى :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً* وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَ ـ إلى قوله : ـ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً.» (٢)
قال : فقال الصادق عليهالسلام : «لو أنّ هذه الكلمة قالها أهل المشرق وأهل المغرب لكانوا بها خارجين من الايمان ، ولكن قد سمّاهم الله مؤمنين باقرارهم.» (٣)
__________________
(١) خ. ل : «أوجه».
(٢) النساء / ٧١ ـ ٧٣.
(٣) رواه أيضا العياشي (ره) في كتابه كما في الصافي ، ج ١ ، ص ٣٧٠.