خمسة : إيمانهم بالغيب ، وإقامتهم الصلاة التي هي عمود الدين ، وبمنزلة الفسطاط للخيمة ، ورأس العبادات الجوارحية (١) ، وإنفاقهم بعض ما رزقهم الله وهو العبادة المالية بل الاعم كما مرّ (٢) ، وايمانهم بجميع ما أنزل إليه صلىاللهعليهوآله ، وما أنزل من قبله وإيقانهم بالآخرة أخبر عنهم بأنهم : (عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) وبأنهم (الْمُفْلِحُونَ). وظهور الهدى في الدنيا وظهور الفلاح الغالب في الآخرة.
وربما يستخرج منه انحصار المحمولين أعني : «الهدى من الرب» و «الفلاح» فيهم وأنّه ليس لغيرهم شيء منهما باعتبار اسم الاشارة ، الذي هو بمنزلة الوصف هنا ، وتكريره وتعريف المفلحين ، وتوسيط الفصل بينه وبين اولئك.
وحينئذ ففيه قطع الاماني الفاسدة والرجائات الكاذبة والتمنيات التي يتمناها أمثالنا من الوصول إلى تلك الغايات ، من دون الاتصاف بشيء من حقائق تلك الاوصاف ، تنشيط للسامعين لدرك ما قدموا ، وترغيب في طلب ما طلبوا ، وتبصير لمراتبهم.
[غايات التّقوى على ما في نهج البلاغة]
وقد وردت في الاخبار صفات كثيرة للمتقين ربّما يرد عليك شيء منها فيما بعد ، وغايات عديدة للتقوى نقله السيد [ره] في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليهالسلام في ضمن خطبة له :
«فإنّ تقوى الله دواء داء قلوبكم ، وبصر عمى أفئدتكم ، وشفاء مرض أجسادكم ، وصلاح فساد صدوركم ، وطهور دنس
__________________
(١) روى المجلسي (ره) في البحار ، ج ٨٢ ، باب فضل الصلاة وعقاب تاركها ، أحاديث كثيرة تشتمل بهذه الاوصاف للصلاة ، فراجع.
(٢) راجع كلامه (ره) في تفسير آية «وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ».