«قد ورد أحاديث متواترة تزيد على مأتين وعشرين حديثا ، قد جمعتها في محلّ آخر ، دالّة على عدم جواز استنباط الاحكام النظريّة من ظواهر القرآن إلا من بعد معرفة تفسيره من كلام الائمّة عليهمالسلام ، والتفحّص عن أحوالها ، وأنّها محكمة أو متشابهة ، ناسخة أو منسوخة ، عامّة أو خاصّة إلى غير ذلك ؛ أو ورد ما يوافقها من أحاديثهم الثابتة ، وأنّه يجب العمل بالكتاب والسنّة ، وقد تقدّم ذلك في حديث «عبيدة السلماني» ـ إلى آخر كلامه.» (١)
[معنى التّفسير وأنواعه]
أقول : إعلم أنّ المفسّر إمّا أن يفسّر ظاهر القرآن أو إشاراته ودقائقه وبواطنه ، فالقسم الاوّل من التفسير من ترجمة المراد من الالفاظ وما استعمل فيها ، وبيان ما هو المقصود من الكلام ابتداء ، الّذي هو الشائع المعروف في كتب التفسير ؛ فانّ القرآن عبارة عن ألفاظ وكلمات عربيّة مؤلّفة على النهج العربيّ ، فكما أنّ لكلّ كلام عربيّ معنى إذا عرض على عرف العرب فهم منه ذلك المعنى بعد ملاحظة مساق الكلام وخصوصيّاته وسائر القرائن الحاليّة والمقاليّة المتّصلة والمنفصلة ، كذلك آيات القرآن وجمله إذا عرضت عليهم بجميع الخصوصيّات الّتي هي عليها ، وملاحظة القرائن المتّصلة والمنفصلة ، يفهمون منها معاني خاصّة بملاحظة معاني المفردات وخصوصيّات الاعراب والتأليف ومساق الكلام والقرائن المكتنفة باللّفظ وغيرها ، وكلّ كلام تامّ بأيّ لغة كانت إذا عرض على العارف بتلك اللّغة يفهم منه معنىّ ، ويحكم بأنّه هو معنى ذلك الكلام.
__________________
(١) راجع التعليقة ، ص ٢٠ من مجلد ١٨.