ولا شكّ أنّ ظاهر القرآن كلام عربيّ نزل بلغة العرب ، وطريقة العقلاء ، والمسلمين خصوصا جارية على حمل كلّ كلام على ما هو الظاهر المتبادر منه بعد ملاحظة جميع الخصوصيّات. ولعلّ مثل هذه الترجمة لا يعدّ تفسيرا فضلا عن كونه تفسيرا بالرأي ؛ فقد ذكر بعض العلماء : «انّ التفسير أصله الكشف والاظهار ، وكذلك سائر تقاليبه من ذلك ، سفرت المرئة : كشفت عن وجهها ، والفرس لأنّه يكشف به عن وجوه الحوائج ، ومنه السرف لانّه يكشف عن حاله حينئذ ، والرفس لأنّه يكشف عن عضوه ، وانكشاف حال المقيّد من ومقاته في رسناته (١) واضح» (٢). فلا يبعد أن يكون التفسير هو بيان كلام لا يفيد بنفسه ذلك المعنى ، فيكون مساوقا لتعيين المجمل وكشف المغلق. نعم ، لا يبعد اندراج ما دلّ عليه القرائن الخفيّة فيه باعتبار إظهار تلك القرينة ، وأمّا بعد الالتفات إليها ، فان كانت معتبرة عند العقلاء كانت كسائر القرائن الظاهرة ، وإلا لم يصحّ الاعتماد عليها.
وبالجملة فكلّ آية لها ظاهر معنى لفظيّ بملاحظة جميع الخصوصيّات ، فهو حجّة فيه على ما فصّل في علم الاصول ، فيصحّ تفسيرها به.
ويرشد إليه مضافا إلى ما تقدّم من الاخبار من أخبار الثقلين ، المرويّة في «غاية المرام» من طريق الخاصّة باثنين وثمانين طريقا ، ومن طريق العامّة بتسعة وثلاثين طريقا ، وغيرها ، وما أدرجناه في الخطبة من كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام روايات كثيرة :
[روايات عرض الأخبار على القرآن]
ومنها : الروايات الواردة في عرض الاخبار عند التعارض على الكتاب العزيز
__________________
(١) «المقة» بالكسر : المحبة ، والهاء عوض عن الواو ، وقد ومقه يمقه بالكسر فيهما أي : أحبه فهو وامق (مجمع البحرين). «الرسن» : الحبل الذي يشد به الدابة.
(٢) الكلام للنيشابوري ، راجع تفسيره ، ج ١ ، ص ١٨.