الكفر وإن كان الكافر قبيح الظاهر والباطن بخلاف المنافق ، الّذي يري كلامه وظاهره حسنا ، لكن لا يبعد أن يكون ظاهره في صورة الحسن لا أنّه حسن واقعي ؛ إذ الاقوال والافعال تابعة للنيات والباطن في حسنها وقبحها ، فهم ذئاب لابسون لباس المسوك ، وأنّ المنافقين ما كانوا جمعا قليلا ممّن كان ظاهره الاسلام ؛ إذ لو كان منحصرا في ذلك القليل لما ناسب حالهم شدّة الاهتمام بردعهم وتوبيخهم وغير ذلك في هذه الآيات وغيرها من الآيات الكثيرة الواردة في حالهم.
وحينئذ فلا ينبغي الوثوق التامّ بأحوال كلّ من دخل في الصحابة ظاهرا وإن كان عمله في الظاهر حسنا ، كما هو ظاهر ديدن العامّة العمياء ومقتضى طريقتهم ، بل لعلّه مبنى مذهبهم ، ويأتي مثل ذلك في كلّ زمان ، فلا ينبغي كثرة الوثوق بأحوال الاشخاص الذين ظاهر [هم] الصلاح بمحض قولهم أو فعلهم في محضر الناس.
ثمّ إنّ الاقتصار هنا بالايمان بالله وباليوم الآخر ، الذي هو من وقت الحشر إلى استقرار الجنّة والنار بأهلها ، أو مطلق زمان المعاد الذي لا يتناهى ، أو الاعمّ منه ومن عالم البرزخ الواقع بينه وبين الموت لعلّه مشعر بأنّ أهمّ أركان الايمان هو هذان الامران الراجعان إلى الايمان بالمبدء والمعاد.
[في بيان حقيقة النّفاق]
ثمّ إنّه بناء على ما سبق في معنى الكفر والايمان والمقابلة بينهما ربّما يتّجه أن يكون حقيقة النفاق هو ظهور صورة فرع الايمان دون (١) أصله ، وإظهار إيمان بفعل أو قول ليس بمتحقّق.
وحينئذ فقد يكون التصديق أو القبول الباطني معدوما ، والقول أو الفعل
__________________
(١) في المخطوطة : «بدون».