[في معنى المخادعة مع الله]
أقول : ذيل كلام يدلّ على أنّ المراد من مخادعة الله مخادعة رسول الله ، وأن إسناد المخادعة إليه سبحانه باعتبار إسناده إلى رسوله. ولعلّه إشارة إلى جواب سؤال مشهور ، وهو أنّه : كيف يتصور الخدعة بالنسبة إليه سبحانه وهو عالم السرّ والخفيات ، لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ، وهو عليم بذات الصدور؟ فيكون الجواب صرف الاسناد عن ظاهره كما مثّل له بأنه يقال : قال الملك كذا ورسم كذا ، وإنما القائل والراسم وزيره أو بعض خاصّته ، الذين رسمهم رسمه وقولهم قوله ، مصداقه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(١) و (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ.)(٢)
وهذا بيان ظاهريّ وتحته معنى دقيق يظهر بمعرفة حقيقة الفناء والبقاء بعد الفناء ، ومعنى كون العبد خليفة الحقّ ويدا له باسطة ، وعينا له ناظرة ، وأذنا له واعية ، ولعلّه نشير إلى بيان ما لتلك المعاني فيما يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ.
ومخادعة الرسول [و] إن امتنع بالنسبة إلى ذلك الشأن ، لكن لم يظهر امتناعه في شأن البشرية ، ولو بحسب ظنّهم الفاسد الكاسد لجهلهم بمقامه صلىاللهعليهوآله ، ولا يلزم في إطلاق الخدعة أزيد من حسبان المخادع إخفاء الامر على من يريد خداعه ، وإظهار ما يخالف باطنه باعتقاده.
وحينئذ فربما يصحّ دفع الاشكال من أصله وهو التزام أنهم قصدوا مخادعة الله سبحانه لجهلهم بصفاته سبحانه ، كما يصحّ دفعه أيضا بارادة صورة المخادعة ، وأنهم يعاملون الله معاملة المخادع. وبمثله يصحّ الجواب عن إشكال آخر وهو : أنّ باب
__________________
(١) الفتح / ١٠.
(٢) النساء / ٨٠.