المتقدم ولو ألغي التّرتيب الخارجي بين العمل وإرادته الغير به كان هو الرياء الاصلي ، وكونه خدعة لله سبحانه باعتبار أنّه يوقعه على أنّه عبادة لله سبحانه فيما بينه وبين ربّه في صورة خياله وحسبانه ، مع أنه ليس عبادة له ، بل هو مأتيّ به لغيره ، فهو كمن يظهر إيقاع عمل لشخص وهو في الواقع ليس يريده به ، بل يريد غيره به ، كمن يظهر للملك إيقاع تعظيمه له وهو في الواقع معظّم لغيره راكع وساجد له ، وهو محض الخداع. وهو أيضا خدعة في حد نفسه من حيث أنّ الصورة صورة عبادة والحقيقة حقيقة المعصية ، وهو خدعة للناس حيث أنه يظهر لهم أنّي عابد لله سبحانه ، مع أنّه عامل لهم لا عابد له عزوجل ، ولو ظهر لهم كونه مرائيا لكان ذلك مناقضا لغرضه ، فهو إظهار الطاعة من دون واقعية.
وإطلاق الشرك عليه فيما لو انضمّ الداعيان ظاهر ، وأمّا في صورة انحصار الداعي في الرياء من دون انضمام القربة ، فلعلّه لكونه مشركا في عبادة الله سبحانه حيث أنّه يفعل العبادة لغيره كما يفعله له سبحانه ، أو لكونه في الظاهر لله سبحانه وفي الباطن لغيره. وتجري هذه الوجوه في القسم الثاني أيضا بأدنى تأمّل. وقريب من هذه البيانات يأتي في سائر شعب النفاق بالمعنى المتقدّم.
فكلّ شعبة من شعب النفاق مخادعة لله والّذين آمنوا بنحو من الانحاء ، واعتبار من الاعتبارات ، كما يظهر بالتأمّل فيما سبق.
[في أنّ الأوّل والثّاني وأضرابهما هم أصل الخدعة والنّفاق]
ومن أوضح أفراد المخادعة ما كان يصنعه الاوّل والثاني وأضرابهما ، بل هم أصل الخدعة والنفاق في كلّ مقام من مقاماته حيث يظهرون التسليم للرسالة والدين وهم جاحدون ، وخصوصا لأمر الخلافة وهم معاندون ، ولكمال الايمان والاخلاق الحسنة وهم عنه خلاء ، وللأعمال والعبادات مع أنّهم مراؤون ، بل