الظاهري ، وعدم التكشّف عن أحوال الباطن في ترتيب آثار الاسلام وأحكامه.
وربما يتصور هنا حقيقة المخادعة باعتبار أنهم يخدعون أنفسهم حيث يمنّونها الاباطيل وأنفسهم أيضا تمنيهم وتحدّثهم بالاكاذيب.
هذا ، وربما يستفاد من الآية منضما إلى الرواية السابقة أنّ من خادع الله فهو يخدع نفسه لو شعر في كل مقام من مقامات الخداع والنفاق وهو كذلك ، فانه لا يخفي على الحق شيئا من أمره ، وإنّما يخفي على نفسه علم الحق به ، ولا يظهر السداد والصلاح عند الحق البصير بعدم حقيقته ، وإنّما يظهر عند نفسه صورة الصلاح زاعما أنه مما يترتب عليه آثار الصلاح عند الحق ، فهو قد خدع نفسه حيث أظهر لنفسه كونه نافعا لها لما يترتب عليه من الثواب والمجازات من عند الحق وهو ليس كذلك ، فهو يوهم نفسه النصح والرشاد وطلب الخير ، وهو مريد لما لا يترتب عليه إلا الضرر على نفسه ، فهو يظهر لنفسه ما يوهم السداد والصلاح ، وقد خفي على نفسه الشرّ والفساد الواقع عليه ، وحينئذ فهو المخادع نفسه.
[في بيان حقيقة إسناد الخداع إلى الله]
وأمّا نسبة الخداع إلى الله سبحانه في الرواية ، وربما تدلّ عليه الآية باعتبار بناء المفاعلة ، وصرّح به في الآية الاخرى (١) ، فربما يتصوّر هنا باعتبار أنّ الحقّ لمّا خذله ، وخلّى بينه وبين نفسه والشيطان ، ترتّب عليه المخادعة بحيث خفي عليه أمر نفسه وما هو عليه ، ووقع في حسبان الرشاد مع أنه ليس إلا الفساد. وهذا نظير نسبة الاضلال إليه سبحانه كما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ.
ولمّا كان من شأن حال المخادع المذكور أن لا يشتبه عليه حال نفسه لأنه أوضح الاشياء عنده وقد فرض اشتباهه ، فيصحّ حينئذ سلب الشعور عنه ، الذي
__________________
(١) يعني قوله سبحانه : «وهو خادعهم».