والتقصير ، بل تعدّ نفسه كاملة في حضور الحق ، كأنها قد وفت بجميع حدود العبودية من دون نقص في شيء منها ، إلى غير ذلك من خداعها بالنسبة إلى ربّه وفي حدّ نفسه ، فضلا عن خداع المؤمنين باظهار شيء من ذلك وأمثاله عندهم ، أو سائر أنواع الخداع الكثيرة. وكلّها من شؤون النفاق بالمعنى المتقدّم.
ولعلّ الجامع لأفراد المخادعة هو المخالفة بين الظاهر والباطن ، وكون الاول أرجح من الثاني ، الذي ورد في شأن من كان كذلك الحكم بخفّة ميزانه على ما ببالي.
وحينئذ فقد يلاحظ ذلك فيما بين العبد وربّه بالنسبة إلى ربّه ، وقد يلاحظ كذلك بالنسبة إلى إظهار ذلك للعباد ، وقد يلاحظ ذلك بالنسبة إلى حال العباد بعضهم مع بعض ؛ كاظهار المحبة والصداقة والالفة والموافقة ، مع استبطان أضدادها بلسان أو عمل أو حال. فمنها : أن يمشي الانسان بين الناس بوجهين ولسانين ، ومنها غير ذلك ، ولها أفراد كثيرة لا يسع المقام لذكرها.
ولعلّ بعض الكلام فيما يأتى متفرّقا ـ إن شاء الله سبحانه ـ في المواضع المناسبة.
ويقابل هذه الاصناف من الخداع والنفاق الصدق في جميع المواطن والتحقق بالصديقيّة ، فانّ مرجع الخداع إلى كذب لفظي أو عملي أو حالي ، ويقابله الصدق في كل مقام مقام بحسبه.
[المخادع لا يضرّ المؤمنين بالخدعة بل يضرّ نفسه]
ثمّ إنّ جميع أفراد الخداع بالنسبة إلى المؤمنين لا يقع إلا على نفسه لو يشعر أيضا ، فإنّ الخدعة بإظهار الايمان عند الناس لو خفي عليهم فعاملوه معاملة المؤمن الكامل ، فهم في ذلك معذورون مأجورون مثابون لمكان نيّاتهم ، وصحة