المخلصين ، وظهر لهم شؤونهم ومقاماتهم وطاعتهم وثباتهم ، وحين ظهر عليهم شأن إمامهم فيهم مضافا إلى أمراضهم السابقة فزادهم الله مرضا جزاء بما كان منهم.
فاعتبروا في تلك القصة وغيرها ، واستخرج المناط في كل منها ، وانتقل منها إلى نظائرها وأشباهها وكل ما فيه شيء مما ثبت فيها. فهذا إشارة إلى الاعتبار السانح لي ، وعسى أن يكون لك اعتبار أحسن منها ، أو أن يكون خطاء مني في بعضها تنبّه له.
[في بيان معنى القلب والمراد منه]
فلنرجع إلى ألفاظ الآية فنقول :
القلب قد يطلق على لحم صنوبري الشكل ، مودع في وسط الصدر ، مائلا إلى الجانب الايسر منه ، وهو لحم مخصوص وفي باطنه تجويف ، وفي ذلك التجويف دم ، وهو منبع الروح البخاري الذي ينتشر منه إلى البدن بتوسط الشرائين ، وهذا المعنى للقلب موجود للبهائم والموتى ، وهذا المعنى ظاهر. وربما يطلق على أمر آخر أيضا ؛ فقال بعض المحققين :
«إنه يطلق على لطيفة ربانية وروحانية ، لها بهذا القلب تعلّق ، وتلك اللطيفة هي المعبّر عنها بالقلب تارة ، وبالنفس أخرى ، وبالروح أخرى ، وبالانسان أيضا. وهو المدرك العالم العارف ، وهو المخاطب والمطالب والمعاقب ، وله علاقة مع القلب الجسداني ، وقد تحيّر أكثر الخلق في إدراك وجه علاقته ، وأن تعلّقه يضاهي تعلّق الاعراض بالاجسام أو الاوصاف بالموصوفات ، أو تعلّق المستعمل للآلة بالآلة ، أو تعلّق المتمكّن بالمكان ، وشبه ذلك.» (١) انتهى.
__________________
(١) نقله الفيض (ره) في المحجة ، ج ٥ ، ص ٤ ؛ والمجلسي (ره) فى البحار ، ج ٧٠ ، ص ٣٤ ؛ والطريحي (رض) في مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٤٨.