نقصانهم ، وأنّهم أعلى منهم. وكما أنّ هؤلاء المنافقين كانت تغلي قلوبهم حسدا على النبيّ صلىاللهعليهوآله كذلك هؤلاء يحسدون الصادقين فيما أعطاهم الله ومنحهم.
[في معنى الاليم ووجوه توصيف العذاب به]
(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ)
«في قولهم (١) : إنّا على البيعة والعهد مقيمون» كذا عن الكاظم عليهالسلام في ذيل ما تقدّم سابقا (٢).
و «الاليم» هنا إمّا بمعنى : المولم الموجع ، أو بمعناه الاصليّ ، ويكون التوصيف توسّعا كما في جدّ جدّه. والالم بالحقيقة للمولم بالفتح ، كما أنّ الجدّ للجادّ وفي كلا الوجهين دلالة على المبالغة ؛ إذ العذاب يلزمه الايلام والايجاع ، فوصفه بكونه مولما يدلّ على مبالغة في إيلامه وإيجاعه ، كما يظهر من نظائره ، وكذا وصفه بأنّه أليم فكأنّه لشدّة إيلامه متألّم بنفسه ؛ كوصف الجاهليّة بالجهلاء. ولعلّه تنبيه على كون عذاب المنافقين أشدّ من الكفار ، كما يوافقه قوله سبحانه : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)(٣).
وذلك لأنّهم زادوا على الكفر الباطنيّ المشترك بين الطائفتين كذبا ، فثبوت ذلك العذاب الاليم للمنافقين من جهة كذبهم في دعوى الايمان ، وهذا على قرائة التخفيف ظاهر ، وأمّا على قرائة التشديد فالظاهر إرادة تكذيبهم ما ينبغي الايمان به ؛ كآيات الله ، وكلمة التوحيد والرسالة ، وإن احتمل فيه أن يكون من «كذّب» الّذي هو مبالغة في كذب ؛ كصدّق وصدق ، وبان وبيّن ، أو بمعنى
__________________
(١) في المخطوطة : «قلوبهم».
(٢) راجع المصادر المذكورة في تعليقة ٢ ص ٤٨٧.
(٣) النساء / ١٤٥.