الكثرة نحو : موّتت البهائم. وعليهما يطابق قرائة التخفيف ، فيدلّ الآية على تعليل ثبوت العذاب الاليم بالكذب الصادر منهم بعد اشتراكهم في مرض القلب والكفر. وفيه دلالة على قبح الكذب وسماجته حيث علّل به ثبوت العذاب الاليم ، مع ما هم عليه من الكفر في الباطن. ونظيره قوله سبحانه : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا)(١) حيث علّل الغرق بالخطيئات إن أريد بها ما سوى الكفر.
وكما أنّ هؤلاء المنافقين زادوا على الكفر والمرض المانع للايمان كذبا استحقّوا به عذابا أليما على ما سبق ، كذلك سائر أقسام المخادعين والمنافقين زادوا على انتفاء أغصان الايمان والتشبّث بأغصان الكفر المقابل لتلك الاغصان كذبا قوليّا أو عمليّا ، فصار سببا لاستحقاق زيادة العذاب والالم بذلك.
[في مراتب قبح الكذب]
والكذب وإن كان عبارة عن الاخبار بالشيء على خلاف ما هو به ، والحكاية المخالفة للواقع لفظا ، إلّا أنّه لا يبعد سراية القبح الموجود فيه إلى سائر أفراد الاظهار المخالف للواقع ، وإغراء الناس بالجهل ، والاتيان بما يدلّ على أمر يخالف الواقع بأيّ دلالة كانت ، وأيّ آلة أظهرت ، وإن كان في الاظهار بالكلام أقوى لقوّة دلالته ، وكون الترجمان الاصليّ هو اللّسان. ولا يبعد وصوله في بعض المراتب إلى حدّ الحزازة بحيث يخرج عن صدق اسم القبح عليه ، فيكون القبح قويّا في بعض الاظهارات ، وضعيفا في بعضها ، ومنتفيا صدقه في آخر وإن بقي الحزازة وشائبة ما منه ، فتأمّل.
__________________
(١) نوح / ٢٥.