حفظت الفروج ، فكان ذلك صلاح الارض وأهلها ؛ أما إذا أهملت الشريعة ، وأقدم كلّ أحد على ما يهواه اشتعلت نوائر الفتن من كلّ جانب ، وحدثت المفاسد».
والحمل على المجموع أيضا ممكن ؛ إذ لم يعلم من الآية إرادة فساد خاصّ منهم ، بل لا يبعد من حالهم أن لا يتركوا ممّا يوجب الفساد عند قدرتهم وتيسّره لهم ، فلعلّ من جملتها ما ذكرتها ، ومن جملتها ما سبق في الرواية من إظهار نكث البيعة ، ومن جملتها ما تعاهدوا عليه من غصب الخلافة ، وأن لا يتركوا الحقّ لأهله إلى غير ذلك.
ثمّ الظاهر من جوابهم للناصحين دعوى تمحّضهم لصفة الصلاح بحيث لم يبق فهيم من الفساد شيء ، وذلك يمكن أن يكون لأجل أنّهم لا يرون ما يضرّ بالاسلام وأهله فسادا ، ويمكن أن يكون خداعا منهم لاخفاء فسادهم عن الناصحين ، وإنكار صدور الفساد منهم.
[كيفية إفساد المنافقين]
ثمّ لا يخفى عليك أنّ الفساد في الارض ، وعدم قبول نصح الناهي عنه ، ودعوى انحصار شأنهم في الاصلاح ليس مقصورا على هؤلاء المنافقين ، بل هو صفة سائر المنافقين المظهرين لخلاف بواطنهم أيضا ، فانّ المتكلّفين لاظهار شؤون الايمان من دون حقيقة يفسدون في الارض حيث يراهم الناس كاملين في الايمان ، فاذا صدر منهم أمور غير لائقة بحال الايمان لكون المتكلّف لا يقدر على ملازمة تكلّفه في جميع الامور والاحوال ، ظنّ الناس أنّها أمور دينيّة أو غير مضرّة بالدين ، أو صار سببا لوهن قبحها العقليّ أو الشرعيّ في أنظار العامّة ، وتجرّيهم عليها وعلى نظائرها.
ثمّ إنهم ليصدر منهم فتاوى وأحكام ومواعظ وآداب باطلة مخالفة للشريعة ، ويقبله