توجب إظهار مقامات دينيّة ليست متحقّقة بها بقول أو عمل ظاهري ، أو تكلّف حال لا يوافقه القلب مظهرا له على صورة الواقعيّة ، تلبيسا على نفسه أو على النّاس.
وهذا القسم من المفسدين لأراضي قلوبهم إذا ورد عليهم نصيحة ناصح يردعهم عن إفساد قلوبهم ، ويبعثهم على إصلاحها ، أنكروا ذلك أشدّ إنكار ، وأظهروا انحصار شأنهم في إصلاح بواطنهم ، بخلاف الّذين لا يظهرون مقامات دينيّة ، فانّهم ربّما يتأثّرون باستماع المواعظ ويقبلونها إن لم يكن المرض قويّا متمكّنا في قلبهم ، وإن لم يقبلوا لم يدعوا حموضة شأن الاصلاح لهم ؛ إذ ليسوا بصدد إظهار مقامات الدين بالخداع والتلبيس. فنظير الجواب والسؤال المذكور عن المنافقين جار فيهم كما لا يخفى.
[عدم العمل بمقتضى الولاية موجب للفساد]
ثمّ لا يخفى أنّ نظير حال هؤلاء الناكثين لبيعة أمير المؤمنين عليهالسلام من إظهار نكث البيعة للضعفاء ، وصيرورتهم سببا لتشويش أمر دينهم ، وتحيّرهم في مذاهبهم ، وعدم اعتقادهم صحّة الدين ، واقتصارهم في إظهار الدين ، وقضائهم في الباطن شهواتهم ، وإرادتهم عتق أنفسهم من الدين ، والفرار من ذلّ الطاعة ، يجري في هؤلاء المظهرين لقبول الولاية ، والتاركين للتحقّق بها في بواطنهم وظواهرهم ، حيث أنّ ما يظهر منهم ممّا يخالف مقتضى المتابعة والائتمام الحقيقي ، يصير سببا لتشويش أمر الدين ، وتحيّر المستضعفين حيث يحسبون أنّه لو لم يكن خيرا ما فعله هؤلاء الشيعة ، والطبيعة مجبولة على التقليد وملاحظة أفعال أبناء نوعه وصنفه ، ومن حيث أنّهم لا يعتقدون صحّة الدين اعتقادا باتّا مؤثّرا في أحوال القلب وتغيير صفاته وأحواله وأفعاله ، بل يقتصرون على أمور ظاهرها عبادات وباطنها عادات ، وأمثال ذلك من الأعمال الظاهريّة ، ولا يطلبون في بواطنهم حقائق الأخلاق و