[في شأن نزول الآية]
أقول : لا منافاة بين كون «عبد الله بن ابيّ [بن] سلول» مورد النزول ، كما سبق في الرواية الاولى وتكرّرت في تفاسير العامّة ذكره ، وبين كون الثلاثة الّذين أظهروا الايمان والرضا بالولاية ، أو مطلق الناكثين للبيعة ، أو خصوص التسعة ، أو القائل منهم ما سبق موردا لنزول الآية ؛ إذ يحتمل أن يكون الآية واردة لبيان حال المنافقين بأسرهم ومعاملتهم مع المؤمنين من تكلّف الكذب لهم والاستهزاء بهم ، ولقائهم بوجوه المصادقين ، وإيهامهم أنّهم معهم. فاذا فارقوهم إلى شطار دينهم صدّقوهم بما في قلوبهم ، وهذا من شأن مطلق المنافقين يمشي مع كلّ من الطائفتين بلسان مغاير للسانه مع الآخر سواء كانوا معاندين لرسول الله صلىاللهعليهوآله كابن ابي ، أو لأمير المؤمنين عليهالسلام بالاصالة كهؤلاء الناكثين ؛ مع أنّه لا يبعد من أحوالهم أن يكونوا جامعين بين عداوته عليهالسلام وعداوة الرسول صلىاللهعليهوآله استقلالا ؛ كابن أبيّ وأصحابه وإن كانوا في إظهار خلافه والموافقة مع الرسول صلىاللهعليهوآله ومتابعته في ظاهر الحال جادّين مجتهدين.
وبالجملة فلا يبعد من ملاحظة الآيات شمولها لمطلق المنافقين ، الّذين لم يؤمنوا سواء المانع لايمانهم إبائهم عن الولاية بعد ظهور الحجّة وانقطاع المعذرة ، أو غيره بعد أن كانوا ثابتين على النفاق مع الرسول والمؤمنين.
وعليه فيصحّ أن يكون المراد بالقائلين مطلق من صدر منه القولان ، ويشمل كلا الفريقين ، بل لعلّه أقرب إلى مفاد اللّفظ من إرادة شخص خاصّ. وربّما يجري نظيره في حقّ سائر أقسام النفاق الّتي أشرنا إليها سابقا ، فانّ كثيرا منهم يمشون بين الناس بلسانين مختلفين وكيفيّتين متضادّين ، بل ربّما يعاشرون مع كلّ فرقة وأهل طريقة بمذاقهم ، ويظهرون موافقتهم في ذلك ، بحيث يظنّ