الابحاث ـ إن شاء الله تعالى ـ.
ثمّ إنّه غير خارج عن مشيّة الله وقضائه وقدره بناء على ما أشرنا إليه من عدم خروج المعاصي عنه ، ولعلّه ستعرف التفصيل.
[وجه اضافة الطغيان الى المنافقين]
ثمّ إنّ في إضافة الطغيان إليهم كأنّه إشارة إلى ما ذكره في الكشّاف من «أنّ الطغيان والتمادي في الضلالة ممّا اقترفته أنفسهم ، واجترحته أيديهم ، وأنّ الله بريء منه ردّا لاعتقاد الكفرة القائلين : لو شاء الله ما أشركنا ، ونفيا لو هم من من عسى يتوهّم عند إسناد المدّ إلى ذاته لو لم يضف الطغيان إليهم أنّ الطغيان فعله. فلمّا أسند المدّ إليه على الطريق الذي ذكر أضاف الطغيان إليهم ليميط الشبهة ويقلعها ، ويدفع في صدر من يلحد في صفاته.» (١) وأكّد ذلك بترك إضافته الغيّ حيث أسند إلى الشياطين في قوله : (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ). وغرضه الردّ على المجبّرة وإن كان هو بنفسه أيضا خارجا عن الميزان المستقيم ، مائلا إلى التفويض على ما يظهر من جملة كلماته ، وفيه إشارة إلى تكفير جمهور أهل مذهبه.
[في أنواع الطغيان وأن النفاق هو الطغيان]
ثمّ إنّ سائر أقسام النفاق أيضا ممّا يجري عليهم المهلة والمدد في الطغيان مستندا إلى الله سبحانه بالوجوه المتقدّمة على ما سبق ، فانّ الطغيان على ما سبق ضدّ العبوديّة الّتي هي حدّ العبد الّذي من تجاوزه تجاوز حدّه وعتى وغلا ، وهي غاية
__________________
ـ ـ عليهالسلام ـ في بيان العقل والجهل وجنودهما وما يتعلق بهما ؛ تجده في المجلد الاول من المصدر كتاب العقل والجهل ، ح ١٤.
(١) الكشاف ، ج ١ ، ص ٣٦.