[في بيان وجه تشبيه المنافقين بالمستوقدين]
وعلى كلّ حال فالتشبيه الواقع بين مثلي المنافقين ومستوقد النار تارة يؤخذ تشبيها مركّبا ، والمراد به أن ينتزع كيفيّة أمور متعدّدة فيشبّه بكيفيّة أخرى كذلك ، فيقع في كلّ من الطرفين عدّة أمور ربّما يكون التشبيه فيما بينهما ظاهرا ، لكن لا يلتفت إليه ، بل إلى الهيئة الحاصلة من المجموع ، كما في قوله (١) :
وكأنّ أجرام النجوم لوامعا |
|
درر نثرن على بساط أزرق |
ويكون التشبيه مركّبا.
وأخرى يؤخذ مفرّقا ، فيكون التشبيه واقعا بين عدّه أمور مفردة وأخرى كذلك ، وينحلّ إلى تشبيهات عديدة بين أمور كذلك.
ومنهم من قال : هذا التشبيه ليس مفرّقا ولا مركّبا ، وإنّما يكون كذلك لو كان نسبة أشياء إلى أشياء وليس كذلك ، بل هو تشبيه شيء هو حال المنافقين بشيء هو حال المستوقد ، ووجه الشبه اسم الاضائة والظلمة ؛ أي : كما في حال المستوقد ما يسمّى إضائة وظلمة ، فكذا في حال المنافقين. ووقوع الاسم في أحدهما بالحقيقة وفي الآخر بالمجاز لا يقدح في اشتراك الاسم ، وكأنّه مناقشة لفظيّة ، وإلا فمعنى التشبيه المركب موجود فيما ذكره كما يظهر بالتأمل فيما قدّمناه.
وحينئذ فالامر دائر بين الامرين المذكورين. وعلى تقدير كونه مركّبا فوجود المشابهة بين المفردات وإن لم يكن لازما ولا ملحوظا من حيث هي ، لكن وجو [د] ها بين المفردات بأسرها ممّا يقوّي المقصود من التشبيه ويؤكّده ، بل يصير غالبا سببا لقوّة المشابهة بين المركّبين ، لأنّ المركّب في الخارج ليس إلا الاجزاء والهيئة التركيبيّة القائمة بها.
__________________
(١) هو من قصيدة لأبي طالب الرقي ، نقله التفتازاني (ره) في المطول في باب التشبيه فراجع.