وعلى تقدير أخذ التشبيه بين المفردات وجود المشابهة بين الهيئتين أيضا كذلك ، بل لا ضير في اعتبار الهيئة أيضا من الامور المفرّقة التي يوقع التشبيه بينها.
والظاهر في المقام كون التشبيه مركّبا ، كما هو الشأن في مطلق التمثيل بالمعنى المصطلح عليه ، وإيراد الامثال الغير البسيطة ممّا هو شائع عند العرب ، بل ربّما صنّف في شأنها الكتب.
[في تطبيق مفاد الآية على حال المنافقين]
وحينئذ فلنشرع في تطبيق الاجزاء المذكورة في الاية على حال المنافقين مفردات ، ثمّ نتمّمه ببيان المشابهة بين الجملتين من حيث التركيب على حسب ما نتصوّره من المشابهة ، والعلم عند الله سبحانه. فنقول :
المفروض في المثال (اسْتَوْقَدَ ناراً) ، وأضائت النار ما حول المستوقد ، و (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) ، و (تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) بناء على كون الجميع مثالا. والمنافق أيضا أمّا استيقاده النار ، فهو مشابه لحال المنافقين من حيث إظهارهم الاسلام ، وتديّنهم به ظاهرا ، والالتزام بما يظهر منه في توجّه طمعهم وطلبهم إلى شيء مطلوب بسبب مباشرة أسبابه القريبة ؛ وإضائة ما حوله لحالهم من حيث احتقان دمائهم وأموالهم بها ، ومشاركتهم المسلمين في الغنائم والعزّة الظاهريّة ، وسائر منافع الاسلام من الامور الدنيويّة الظاهريّة التي وصل إليهم ؛ وذهاب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لحالهم من حيث تعقّب الحرمان والخيبة لانقلاب الاسباب قليلا في الدنيا بقدر ما ظهر من آثار نفاقهم فيها ، وكمالا عند الموت إلى الابد ؛ إذ ذهب نور صورة إسلامهم عند إخراج الله إيّاهم عن عالم الصورة بالاماتة ، وبطل عنده المنافع التي كانت تترتّب على الصورة المجرّدة ، وتركوا في ظلمات نفاقهم وكفرهم ومعاصيهم لا يبصرون فيها أصلا ، وإدّائهم تلك الظلمة إلى ظلمة العقاب