ثمّ يصمّ ، وذلك غير خال عن الوجه ؛ إذ الاصمّ بحسب الخلقة أبكم ، إذ ما لم يسمع الالفاظ ويتعلّمها كيف يتنطق بها؟ ويكون قصر الاصمّ على غيره لقضيّة المقابلة له. والله العالم.
[(فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ)]
«فهم لا يرجعون إلى الهدى بعد أن باغوا ، أو عن الضلالة بعد أن اشتروها ، أو أراد أنّهم بمنزلة المتحيّرين الّذين بقوا جامدين في مكافاتهم ، ولا يدرون أيتقدّمون أو يتأخّرون ، وكيف يرجعون إلى حيث ابتدئوا منه.» كذا ذكروه (١).
ولعلّ الاولى إرادة أنّهم لا يرجعون عمّا هم فيه إلى الاستقامة على الصراط المستقيم بعد فقدان أسباب الاهتداء.
وقال بعض المفسّرين في ذيل شرح الآية : «مثله مثل مريد الطريقة ، الّذي له بداية ، ولازم خلوة وصحبة ، حتّى شرقت له من صفحات القلب شوارق الشوق ، وبرقت له من أنوار الروح بوارق الذوق ، فطرقته الهواجس وأزعجته الوساوس ، ويرجع قهقري إلى ما كان من حضيض عالم الطبيعة ، فغابت شمسه وأظلمت نفسه وفضل يومه أمسه.»
__________________
(١) الكشاف ، ج ١ ، ص ٤٠.